بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله أولاً وآخراً
أسلمت إحدى الممرضات في قسم العناية المركزة لحديثي الولادة ، فسألتُها عن سبب إسلامها ، قالت : يلفت نظري دوماً اجتماع الناس للصلاة في مسجد المستشفى الموجود خارج المبنى ، وأشاهدهم من نافذة القسم في الدور الثالث، وهم يسلّمون على بعض بعد خروجهم من المسجد ، فيعجبني اجتماعهم وتآلفهم من جنسيات مختلفة ، مما جعلني أفكر في جمال وعظمة دين الإسلام .
أسلم مهندس أمريكي يعمل في السعودية بسبب مشهد وقوف الناس على جنبات الطرق السريعة لأداء الصلاة !
صلاة الجماعة أمام أعين الناس لها أثر عجيب ومبارك في دعوة غير المسلمين للإسلام ، فمشهد الصفوف المنتظمة خلف إمام واحد مشهدٌ مهيب ، ويزداد الأثر كلما زاد الخشوع والطمأنينة. وله أثرٌ أيضاً على المسلمين المقصرين في أداء الصلاة والالتزام بالشريعة، فترى البعض يتوضأ ويصطف مع المصلين، ولولا مشهد صلاتهم في جماعة ما صلى! .
هذا الأثر الكبير لصلاة الجماعة لا يشعر به البعض بسبب تعودهم عليها .
فلنحرص على إقامتها وتشييد المصليات في أماكن العمل والمستشفيات والمجمعات التجارية والمطارات والفنادق وأماكن الترفيه والمعارض والمؤتمرات والحدائق.. ، ولتكن قدر المستطاع في مكان ظاهر يشاهده الناس ، مع العناية بمظهرها ونظافتها . المبادر لذلك يغنم أجر الجموع التي تقتدي به ، وأجر الاعتزاز بدين الإسلام .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ومن بنى مسجدًا كمِفْحَصِ قَطَاةٍ أو أصغرَ بنى اللهُ له بيتًا في الجنَّةِ " رواه ابن ماجه وصححه الألباني .
القَطاةُ نَوعٌ من الحَمَامِ، ومِفحَصِ القَطاةِ: المَوضِعُ التي تَبيضُ فيه؛ لأنَّها تَفحَصُ عنه التُّرابَ، وهذا مَحْمولٌ على المُبالَغَةِ في حَجْمِ المسجِدِ، ولو كان صغيرًا، فجَزاؤُه أنْ يَبْنيَ اللهُ سُبْحانَه وتَعالى له بيتًا في الجَنَّةِ. (موقع الدرر السنية باختصار) .
ويقول صلى الله عليه وسلم : "ما مِن ثلاثةٍ في قريةٍ ولا بدوٍ لا تقامُ فيهمُ الصَّلاةُ إلَّا قدِ استحوذَ عليْهمُ الشَّيطانُ فعليْكم بالجماعةِ فإنَّما يأْكلُ الذِّئبُ القاصيةَ " رواه أبو داود والنسائي وحسنه الألباني .
أي : لا يوجد ثلاثة رجال فأكثر في قرية "ولا بَدْوٍ": أي: ولا في باديةِ الصَّحراءِ، "لا تُقامُ فيهم الصَّلاةُ" لا يُؤدُّون الصَّلاةَ في الجَماعةِ "إلَّا قد استَحوَذ عليهم الشَّيطانُ" استَولَى عليهم وغلَبَهم، فيَنْسَوْن ذِكرَ اللهِ تعالى، ويَترُكون الشَّريعةَ، والعمَلَ بها.
"فعليكم بالجَماعةِ" الْزَموا صَلاةَ الجماعةِ ، حتَّى لا يتَسلَّط عليكم الشَّيطانُ، "فإنَّما يَأكُلُ الذِّئبُ القاصيَةَ" الشَّاةَ البَعيدةَ مِن الأغنامِ؛ لِبُعدِها عن راعيها، والمرادُ: أنَّ الشَّيطانَ يتَسلَّطُ على تارِكِ الجَماعةِ الذي اعتادَ الصَّلاةَ مُنفرِدًا ولا يُصلِّي مع الجَماعةِ، كما يتَسلَّطُ الذِّئبُ على الشَّاةِ المنفرِدةِ عن قَطيعِ الغنَمِ. (موقع الدرر السنية باختصار) .
متى يعتبر المكان المعد للصلاة مسجداً ؟
المسجد له أحكام فقهية خاصة به ، فتُشرع فيه صلاة تحية المسجد قبل الجلوس ، ولا يلبث فيه الجنب ولا الحائض ، ويكره اتخاذه ممراً لغير الحاجة ، وهو مكان للاعتكاف .. وغيرها من الأحكام ، وليس كل مكان يُصلى فيه يُعتبر مسجدا بهذا المفهوم الخاص .
اختلفت الشروط التي وضعها الفقهاء لاعتبار المكان مسجداً ، فالكثير منهم يشترط أن يكون المكان موقوفا (أوقفه صاحب المكان لله فخرج من ملك صاحبه ) والبعض يشترط شروطا أخرى ؛ مثل : أن يكون مبنياً لغرض الصلاة، وأن تقام فيه الصلوات الخمس ، وأن يكون مفتوحا لكافة الناس ، وأن يكون له إمام ومؤذن.. ، إلا أن بعض الفقهاء يكتفي بكون المكان مخصصاً للصلاة ، وبناء على ذلك قد تختلف فتاواهم حول أماكن الصلاة في أماكن العمل ؛ هل تعتبر مسجداً ؟
يقول العلامة د.عبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين رحمه الله عن المصلى في المستشفى : وإذا خصصوا موضعاً للصلاة حجزوه بحواجز وفرشوه وجعلوا له محراباً وجهة معروفة وزودوه بالمصاحف ، فيكون له حكم المسجد ، فمن أراد الجلوس فيه صلى تحية المسجد ، ولا يلبث فيه الجنب ولا الحائض . أما إن لم يُحجز ولم يخصص له مكان بل يصلون في الطريق وممر الناس أينما توجهوا ، فإن هذه الأماكن لا يكون لها حرمة المسجد لعدم تخصيصها للصلاة . (الفتاوى الشرعية في المسائل الطبية) .
وفقنا الله للمسارعة في الخيرات وتقبلها منا إنه جوادٌ كريم
اللهم لك الحمد ولك الشكر على نعمة الإسلام
ردحذف