هل زواج الأقارب ضار بالأولاد ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
ما موقف الشريعة الإسلامية من زواج الأقارب ؟
تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش وهي ابنة عمته وعائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر بن الخطاب و أم حبيبة بنت أبي سفيان وسودة بنت زمعة رضي الله عنهن ، وهن من عشيرته قريش ، كما زوّج ابنته فاطمة رضي الله عنها من ابن عمها علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فليس في زواج الأقارب محذور شرعي ، ولو كان ضاراً ما أحله الله لرسوله ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ ) [الأحزاب: 50] ، ولما أحله الله تعالى لعموم المؤمنين فقال سبحانه بعد عدّ المحارم اللاتي يحرم الزواج بهن : ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ أي : كلُّ ما لم يذكر في هذه الآية، فإنه حلال طيب ، فالحرام محصور والحلال ليس له حد ولا حصر لطفًا من الله ورحمة وتيسيرًا للعباد. (تفسير السعدي) .
أما الأحاديث التي تدعو لزواج الأباعد فليست بصحيحة .
نسبة الأمراض الوراثية والعيوب الخلقية عموما منخفضة وتحصل بزواج الأقارب أو الأباعد ، وزيادة النسبة في زواج الأقارب لا يستدعي التخويف والتحذير العام لأن النسبة ما زالت منخفضة ، وتبني موقف إرشادي صحيح تجاه زواج الأقارب يعتمد على تركيز العامل الوراثي المريض في العائلة مقابل تركيزه في المجتمع ، فمثلا لو عاشت أسرة سليمة من جينات الأنيميا المنجلية في مجتمع يعاني من انتشارها ؛ فإن زواج الأقارب داخل تلك الأسرة أفضل من الأباعد ، والعكس صحيح ، فعند انتشار مرض وراثي معروف أو عيب خَلقي محدد في أُسرة بعينها أو فخذ من عشيرة ، يتم إرشاد الأسرة والعشيرة للزواج من خارجها بدون إلزام ، لأن العامل الصحي ليس الوحيد في معايير الاختيار فهناك اعتبارات دينية وأخلاقية واجتماعية لا تقل أهمية عن الصحة ، والإلزام قد يؤدي إلى بعض المفاسد ، والأحكام الشرعية مبنية على مراعاة جلب المصالح ودرء المفاسد .
نصيحة بعض الفقهاء رحمهم الله بالزواج من البعيدات أرادوا به زيادة التعارف بين القبائل والعشائر، واجتناب القطيعة بين الأقارب في حال وقعت الخلافات الزوجية ، أما اعتقاد بعض الحكماء أن زواج البعيدات يُحسّن السلالة فيفتقر للدليل العلمي ، وإذا كانت العائلة معروفة بالذكاء والنجابة فهل يُطلب نجابة الأولاد بالزواج من خارجها ؟ ويُقال مثل ذلك في بقية الصفات الخَلقية والخُلُقية ، والله أعلم .
تعليقات
إرسال تعليق