وأعفيت لحيتي
بسم الله الرحمن الرحيم
وأعفيت لحيتي
في أوائل القرن التاسع عشر أوصت بعض المجلات الطبية الأمريكية بإعفاء اللحية لأنها تساهم في الوقاية من الأوبئة التي كان يعتقد أنها تنتقل عبر ذرات الغبار قبل اكتشاف الميكروبات، وصارت اللحية ذات قيمة صحية تضاف لقيمتها الاجتماعية آنذاك، لكن بمجرد اكتشاف الميكروبات وبالخصوص ميكروب الدرن انتابت حالة من الذعر القيادات الصحية في مدينة نيويورك فأصدرت حزمة من الإجراءات الوقائية ( التي ثبت فيما بعد عدم صحتها وجدواها) ومن ذلك منع الملتحين من حلب الأبقار التي يتم توزيع وبيع حليبها ومنعهم من توزيع الحليب، واعتبرت اللحية حاملا ملائما للميكروب وكانوا يعتقدون أن الدليل العلمي يدعم ذلك، فترسخ الانطباع السلبي حول اللحية في المجتمع وصار حلق اللحية يعني "نظافة وصحة أفضل!! “.
مضى الزمن وتبين خطأ ذلك الاعتقاد فالدراسات الحديثة أثبتت أن اللحية لا تزيد من فرصة نقل الميكروبات بل إن بعض الدراسات أفادت العكس؛ فحلق اللحية يترك خدوشا صغيرة الحجم في بشرة الوجه وتلك الخدوش توفر بيئة ملائمة لنمو الجراثيم. (المصدر)
(إعفاء اللحية أمر شخصي وقد يكون له منافع طبية كتقليل دخول مثيرات الحساسية العالقة في الهواء وذرات الغبار إلى الجهاز التنفسي وقد يكون له أضرار محتملة؛ لكن الأضرار المحتملة تخف بالمحافظة على نظافة اللحية)
الدكتور ألبرت ريزو ، المدير الطبي
لجمعية الرئة الأمريكية. (المصدر)
المسلم الملتحي الذي يواظب على الوضوء الشرعي المتكرر يوميا والمشتمل على غسل الوجه وتخليل اللحية يتمتع بالنظافة التي يطمح إليها الدكتور ريزو وزيادة .
كانت اللحية ذات قيمة اجتماعية في معظم أنحاء العالم على مدار قرون ، حتى ظهرت تلك الهستيريا مع اكتشاف ميكروب الدرن، وصارت اللحية كبش فداء، فانتكست فطرة اللحية ، ومع ثبوت خطأ المعلومة لم ترجع فطرة اللحية كما كانت لأن حلقها ارتبط في أذهان الناس بالنظافة والوسامة وحسن المظهر خصوصا بعد ثورة الفن والسينما !
زاد العبء على المتدينين واشتدت غربتهم وصارت اللحية متندراً وأضحوكة في عصر طغيان الاشتراكية والعلمانية فاضطر بعض المصلحين لحلق لحاهم أو تخفيفها تخفيفا شديدا هروبا من المضايقات وحفاظا على وجودهم في المجتمع وممارسة الإصلاح حسب الطاقة ، إلا أن البعض الآخر اختار لزوم السنة والحفاظ على الفطرة فحفظ الله بهم هذه الشعيرة في العالم الإسلامي جزاهم الله عنا وعن الإسلام خيرا.
رجعت اللحية بعد 2010 في شكل "موضة" بأشكال وقصات مختلفة على وجوه بعض مشاهير الفن والرياضة !
ثقة أولئك المشاهير بأنفسهم جعلت الشباب يقلدونهم ، وصارت اللحية موضة مألوفة، وقد كان المشاهير من الصالحين أولى بتلك الثقة وأجدر بالحفاظ على سنة اللحية.
***
أخي الحليق .. أنا لا أريد الإساءة إليك ومضايقتك ، أعلم أنك تحب الخير ولديك أعمال صالحة ، ولا أدعي أني أفضل منك لأني ملتحي .. فقط أردت تذكيرك أن حبيبك محمداً صلى الله عليه وسلم أمرك بإعفائها ، وهو لا يأمر إلا بخير !
﴿وإن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ﴾ هذه
الجملة عظيمة الشأن جليلة القدر، للمؤمن أن يحلف بالله ولا يحنث على أن من أطاع
رسول الله في أمره ونهيه لن يضل أبداً ولن يشقى، فالهداية إلى كل خير كامنة في طاعة
رسول الله ﷺ. (أيسر التفاسير)
وقد
أمر النبي صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث : " أعفوا اللحى " " أرخوا اللحى " "وفّروا اللحى " .
واللحية
سنة المرسلين عموما والصحابة الصالحين من قبلنا ..
﴿قَالَ
یَبۡنَؤُمَّ لَا تَأۡخُذۡ بِلِحۡیَتِی وَلَا بِرَأۡسِیۤ﴾ [طه ٩٤]
"..
وبذلك يتبين لك أن إعفاء اللحية سمت الرسل الكرام الذين أمرنا الله- تعالى-
بالاقتداء بهم. فقد قال- تعالى-: بعد أن ذكر عددا من الأنبياء منهم هارون:
أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ .." (التفسير
الوسيط ، سيد طنطاوي ) .
كان
قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما لا ينبت في وجهه الشعر ، وكانت الأنصار تقول :
لوددنا أن نشتري لقيس بن سعد لحية بأموالنا. !
***
في أوائل العشرينات من عمري ، أقبلت ذات مرة على إشارة مرور بعد صلاة الفجر وكان الشارع خاليا ، فحدثتني نفسي بتجاوز الإشارة وتجاوزتها ، ولحسن حظي كانت سيارة المرور خلفي وأنا لا أشعر ! أسرع شرطي المرور جزاه الله خيرا بسيارته ليتجاوزني ويوقفني فلما صار بجانبي التفت إلي ورأى لحيتي فأشار بيده على ذقنه معاتبا وتجاوزني !
إلى اليوم ؛ كلما حدثتني نفسي بتجاوز نظام أو ارتكاب خطأ ، نهتني لحيتي وتذكرت إشارة الشرطي بعد ثلاثين سنة من ذلك الموقف !
صدق بعض الدعاة حين قال : كنت أربي لحيتي ، والآن لحيتي تربيني .
مشهد مألوف : أكون في العيادة ،
تأتي الأم بطفلها ، فإن كانت متبرجة ورأت هيئتي ولحيتي بادرت مشكورة لتخفيف تبرجها
وتغطية زينتها التي يجب تغطيتها .
اللحية تأمر بالمعروف وتنهى عن
المنكر في صمت مهيب . اللحية تحافظ على صاحبها وتقلل تعرضه للفتن .
***
قالت لي إحدى الصغيرات بكل براءة
"لحيتك كبيرة" ، تبسمتُ وقلت لها " النبي محمد صلى الله عليه وسلم
لحيته كثيرة ، تحبينه صلى الله عليه وسلم ؟ " وبكل براءة هزت رأسها مبتسمة
تشير بنعم .
جاء في صفة النبي صلى الله عليه
وسلم " وكان كثير شعر اللحية " رواه مسلم .
***
قال لي أحد الناصحين : لو خففت
لحيتك بحيث يتقبلك الناس فيكون تأثيرك الدعوي أكثر !
وأقول : اللحية شعيرة من شعائر
الدين وسنة من سنن الفطرة ، وأخلاق الملتحي هي التي تحبب الناس فيه وفي لحيته أو
تنفرهم .
"..وحين يكثر الشر والفساد ، وتظهر البدع والفتن ، يكون أجر التمسك بالسنة أعظم ، ومنزلة أصحاب السنة أعلى وأكرم ، فإنهم يعيشون غربة بما يحملون من نور وسط ذلك الظلام ، وبسبب ما يسعون من إصلاح ما أفسد الناس .
يقول
النبي صلى الله عليه وسلم :
( إِنَّ الإِسلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ ، فَطُوبَى لِلغُرَبَاءِ . قِيلَ : مَن هُم يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : الذِينَ يَصلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ ) "السلسلة الصحيحة" (1273).
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم :( َإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْر ، الصَّبْرُ فِيهِ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ ، لِلْعَامِلِ فِيهِمْ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ ،.. قَالَوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْهُمْ ؟! قَالَ : أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ )، السلسلة الصحيحة (494) وفي بعض روايات الحديث قال : ( هم الذين يحيون سنتي ويعلمونها الناس ) ".(موقع الإسلام سؤال وجواب )
***
ستذهب الليلة لحضور مناسبة أو للظهور في وسيلة إعلامية ؛ ستحدثك نفسك :
عمرك سيبدو أكبر بسبب اللحية ! ومظهرك أمام الناس سيكون أقل قبولا !
قل لها : ماذا لو كنت سأقابل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
***
لحيتي تُظهر للناس أني أكثر صلاحا من واقعي الفعلي ، فأنا مقصر وعندي أخطاء ؟
تظن أن حالك ستتحسن إذا حلقتها ؟ أم أنك ستضيف خطئا آخر للأخطاء السابقة ، وسيجرك حلقها للمزيد من التقصير والحضور في مجالس لن تحضرها بلحيتك؟
***
الإيمان جوهر ، أما اللحية فمجرد مظهر وشكليات ؟!
ماذا عن لباسك وهندامك ، أليست مظهرا وشكليات ؟ ألا تهتم بها ؟
بلى ! طبيعي ومستحسن جدا أن تهتم بمظهرك ولباسك لأنها جزء من شخصيتك ، وإظهار لنعمة الله عليك .كذلك اللحية ، جزء من شخصية المؤمن وإظهار لنعمة متابعة هدي النبي صلى الله عليه وسلم .
***
إعفاء اللحية مسألة خلافية ، فلا تستحق كل هذا الاهتمام !
إعفاؤها وإكرامها والعناية بها محل اتفاق بين علماء الإسلام ، وأما حلقها بالكامل فحرام عند جماهير العلماء، بل حكى بعض الأئمة أن التحريم بالإجماع ، والتخفيف منها مسألة خلافية : حرام أم مكروه ؟
***
اللهم اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات
لله درك أسأل الله أن يحفظك ويرعاك
ردحذفمقاال جميييل
ردحذفاحسنت بهذا الطرح الرائع
ردحذفجزاك الله خير ورحم الله والديك
ردحذفبوركتم وسددتم وعوفيتم من كل شر و نفع الله بكم
ردحذفأحسنت سلمت أناملك ، مقال رائع وكلمات مسددة
ردحذفاحسنت ابومزن
ردحذف
ردحذفجميل جدا بارك الله فيك يا دكتور
اما حلق اللحية بالكامل فمحرم بإجماع أهل العلم
زادك الله من فضله
جزاك الله خيرا وزادك علما وفضلا.. تم التعديل مع التذكير بأنه ليس محرما عند طائفة من الشافعية.
حذفماذا عن نقل ابن حزم الاجماع يا دكتورنا؟
حذفونقل الإجماع غير ابن حزم أيضاً، ولعلهم يرون قول بعض الشافعية بالجواز قولاً حادثا لم ينقل عن الشافعي وأصحابه، وينظر في ذلك كلام الإمام النووي رحمه الله.
حذف
ردحذفهنيئاً لنا بأمثالك..
وفقك الله دكتور لخيري الدنيا والآخرة..
سبحان الله
ردحذفالحمدلله
الله أكبر
لااله الاالله
جزاك الله خير..
ردحذفموضوع قيم ومهم
نسأل الله الهداية لنا جميعا
جزاك الله خيراً...
ردحذفمقال رائع.
ردحذفبارك الله في كاتبه، ورفع قدره، وأعلى منزلته..
جزاك الله خيرا
ردحذفوفقك الله ورعاك
ردحذفوسدد خطاك على الخير
وجزاك الله خير
جزاك الله خير، وفقك الله وسددك.
ردحذفجزاكم الله خيرا دكتورنا واحسن اليكم
ردحذفربما بمثل هذا المقال يعفي كثير من الرجال لحاهم وتكسب انت الاجور العظيمة من الباري عز وجل
لله درك فوالله نحن بحاجة في هذا الزمن لمثل هذا الكلام
ردحذفبارك الله في عمرك و اتباعك السنة و الواجب ...مقال جميل
ردحذفجمّل الله حالك... مناقشة هادئة ومقنعة بأسلوب سهل. أسأل الله أن ينفعك وينفعنا وينفع المسلمين بها.
ردحذفجزاك الله خيرا و كتب الله اجرك ياليت نجد مقال مشابه يتعلق بالحجاب الشرعي الساتر
ردحذفاللب ونواة الانسان أولا
ردحذفاخشى ان هذا من تلبيس إبليس… اللب مهم والاقتداء واتباع سنة النبي ﷺ أيضا مهم مجهول
حذفرضي الله عنك وأسعدك في الدارين وثبتنا وإياك على طاعته وأسعد نا بالتقوى ووالدينا وأحبابنا ومن يقرأ
ردحذفنضر الله وجهك ورزقك لذة النظر إلى وجهه الكريم والشوق إلى لقائه في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة.
ردحذففي الصحيحين عنه ﷺ (أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى) (وفروا اللحى) (أوفوا اللحى) (أرخوا اللحى) وفي سنن النسائي والمسند(أعفوا اللحى).
ولم يثبت "أكرموا" وفي سنن أبي داود (من كان له شعر فليكرمه)
جزاك الله عنا خيرا وبارك فيكم وأحسن إليكم، وتاب علينا جميعا وهدانا وغفر لنا ورحمنا.
أحسنت وأحسن الله إليك.. تم حذف لفظة "وأكرموا اللحى"
حذفغفر الله لك د.
ردحذفالله يجزاك الجنة ووالديك
ردحذفطرح جميل جدا
(وإن تطيعوه تهتدوا )
آية عظيمة وقاعدة راسخة لمن أراد النجاة والفلاح
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك ورفع الله قدرك في الدنيا والآخرة ونفع بكم وبعلمكم الإسلام والمسلمين
ردحذفأحسنت... جزاك الله خيراً وأجزل لك الأجر والثواب
ردحذفجزاك الله خير
ردحذفلا فض فوك
ردحذفبارك الله فيك وفي قلمك
كلمات تخاطب الإيمان بلطف
ردحذفجزاك الله خيراً 🌹
سلمت أناملك وشكر الله لك هذه الكلمات التي تنم عن صلاح وتقوى، نفع الله بك وبما دونت، وجعلك فدوة مباركة، غفر الله لك ولوالديك وأصلح لك النية والذرية أيها الموفق..
ردحذفرفع الله قدرك ، وثبتنا الله وإياك على هداه
ردحذفحفظك الله ونفع بك
ردحذفكلام جميل ، وإن شاء الله أنا لن أحلق لحيتي
ردحذفحفظكم الله ورعاكم وبارك فيكم وأسعدكم وأرضاكم وجعلكم مباركين اينما كنتم وحيثما حللتم وتقبل منكم صالح الاعمال والأقوال
ردحذفأحسنت أبا عبدالرحمن وزادكم الله من فضله
رائع جدا
ردحذفكتب الله أجرك
وفعلا اللحية هي من يربيك
بارك الله فيك يا دكتور وجعلها في موازين حسناتك
ردحذفاللحية، جمال وطاعة، من الطاعات لله، وهناك من يعتبرها أصل من أصول الاسلام، ويقبح بالقول حليق،،، حتى البعض ينتقص في دين من يحلق، اتقوا الله واصلحوا ذات بينكم
ردحذفأحسن الله إليك ونفع بما كتبت
ردحذفاحسنت يا دكتور
ردحذفسمعت رجلا يحدث أن حلق اللحية يضعف الرجل وأن هذا مثبت طبيا هل هذا صحيح ؟
أحسن الله إليك..
حذفطبيا لا نعرف أن حلقها يضعف الرجل.
جزى الله الجميع خيرا على دعواتكم الطيبة ومشاعركم الكريمة.
ردحذفأسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان يجمعنا على منابر من نور في ظل العرش.
أستودعكم الله
جزاك الله خيرا اخي الكريم تستاهل كل خير وسعادة يارب العالمين ويحفظك ووالدينا يارب العالمين
ردحذفجزاك الله خيراً
ردحذفجزاك الله خيرا
ردحذفلله درك
ردحذفجزاك الله الجنة ،، مقالة تغير قناعات كثيرة بارك الله فيك
ردحذفجزاك الله خيرا
ردحذفكلام جميل وفي وقته.
ردحذفجزاك الله خيراً ..
وزادك الله علماً وإيماناً ..
جزاكم الله خير
ردحذف