قولوا للغرب: لا توجد "فاحشة آمنة" ، و"الزواج الآمن" خيرٌ لهم لو كانوا يعقلون !
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
تزوج النبي ﷺ خديجة رضي الله عنها وهي أكبر منه بكثير؛ لأن فارق السن كان مألوفاً، وبعد وفاتها أشارت عليه خولة بنت حكيم بالزواج من عائشة رضي الله عنها؛ لأن زواج الصغيرات كان مألوفاً أيضاً بدليل أن عائشة كانت مخطوبة لجبير بن المطعم بن عديّ قبل خطبة النبي لها، وكان جبير وأبواه كافرين، فأبدوا عدم الرغبة في إتمام الزواج خوفاً على ابنهم المشرك من تحوله لدين أبي بكر! ففرح أبو بكر رضي الله عنه بخطبة النبي ﷺ لها وزوجها إياه (أي عقد قرانها، وهو ما يعرف حالياً بالمِلكة أو كتب الكتاب)، وبعد الهجرة، لما بلغت عائشة سن التاسعة: بنى بها النبي ﷺ (أي دخل بها، وتم العرس).
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَزَوَّجَهَا وهي بنْتُ سِتِّ سِنِينَ، وبَنَى بهَا وهي بنْتُ تِسْعِ سِنِينَ . رواه البخاري ومسلم
لم يستغل مشركو قريش، ولا يهود المدينة ومنافقوها زواج عائشة في تلك السن للنيل من رسول الله ﷺ والطعن فيه؛ لأن الأمر معهود، ولا عيب فيه.
كان زواج صغيرات السن معروفاً عند غير العرب كذلك، وفي هذا الرابط قائمة طويلة جداً بأسماء وأعمار فتيات مشهورات في زمنهن من مختلف القارات والحضارات تزوجن صغيرات (رابط).
عدد من بنات ملوك أوروبا وفتيات طبقة النبلاء تزوجن وأعمارهن ست سنوات، وسبع وثمان وعشر، بل إن إليزيبث ديبون (نبيلة مدينة نورثامبتون الإنجليزية) تزوجت وعمرها ثلاث سنوات فقط عام 1316 م !!.
حالياً، مع أن الولايات المتحدة الأمريكية رسمياً تعتبر زواج الصغيرات (تحت الثامنة عشر) نوعاً من انتهاك حقوق الإنسان، إلا أن ولاياتها تختلف في سن الأنظمة وتطبيقها، وما زال زواج الصغيرات مألوفاً في بعض البيئات الأمريكية وتسمح به، خصوصاً الريفية. 200 ألف (مئتا ألف) حالة زواج "صغار" رصدت في أمريكا بين عامي 2000 و 2015 : 67% في عمر 17، 29% في عمر 16، 4% في عمر 15، أقل من 1% في عمر 14 فأقل، 51 حالة في عمر 13، 6 حالات في عمر 12، وفي عام 2001 تزوجت ثلاث فتيات في عمر العاشرة من رجال أعمارهم 24، 25، 31 وذلك في ولاية تينيسي. في عام 2010 في ولاية إيداهو تزوج رجل يبلغ 65 عاما من فتاة عمرها 17 ، وفي ولاية ألاباما تزوج رجل عمره 74 بفتاة عمرها 14 ! (المصدر)
الظروف البيئية والأعراف الاجتماعية والفروق الفردية بين الفتيات هي التي تحدد متى تصبح الفتاة قادرة من الناحية الجسمية والعقلية على معاشرة الزوج والعيش معه بسلام وسعادة.
فتاة ذكية كعائشة رضي الله عنها، تعيش في بيئة اجتماعية تتزوج فيها الصغيرات، يتزوجها سيد ولد آدم ﷺ وأفضلهم عشرةً وأكرمهم خٌلُقاً، فكانت النتيجة زواجاً ناجحاً وسعيداً بكل المقاييس، فهي أحب الناس إليه، ولما نزلت آية تخيير زوجات النبي ﷺ: إما البقاء معه على شظف العيش أو مفارقته مع متاع الدنيا، اختارته عائشة دون أن تستشير أحداً، وعمت بركة زواجهما عموم المسلمين حيث نقلت عائشة رضي الله عنها الكثير من فقه النبوة، وروت للأمة أكثر من ألفين ومئتي حديث مدونة اليوم في دواوين السنة.
منع الفتاة قانونياً من الزواج قبل 18 أو 16 من عمرها _ولو كان بموافقتها وموافقة والديها وتحت إشرافهم_ مع السماح لها بإقامة العلاقات خارج نطاق الزواج، ومنحها حق ممارسة الزنا والحمل والإجهاض: جريمة يرتكبها حالياً الغرب ومؤسساته في حق أنفسهم والعالم أجمع.
دراسة أمريكية نشرت عام 2000 م : 31% من الفتيات الأمريكيات مارسن الجنس الكامل (الزنا) بطواعيتهن قبل عامهن الخامس عشر، و 34% من الفتيات الصغيرات (بين 11 و 13 سنة) اللاتي مارسن الجنس بطواعية مارسنه مع ذكور أكبر منهن بفارق عمري كبير !! المصدر:
(مجلة: مدونات السلوك الجنسي Arch Sex Behav .2000 Jun;29(3):203-15. doi: 10.1023/a:1001920212732. )
في أمريكا وحدها مئات الآلاف من المراهقات يحملن سنوياً من الزنا (600 ألف حالة في إحدى السنوات)، أكثر من 25% يجهضن حملهن، 80% من الشباب لا يتزوجون الفتيات اللاتي حملن منهم، ومن بين عشرين مليون حالة مرض جنسي تُشخص سنوياً في أمريكا فإن نصيب المراهقين والمراهقات منها هو النصف، ويتبع ذلك أضرار باهضة التكاليف نفسياً واجتماعياً ومادياً. المصدر: (https://www.prjktruby.com/2015/05/07/teen-pregnancy-rates-stds-and-other-american-facts-and-figures-2/)
اهتمت الحكومة الأمريكية بالمشكلة فتبنت برامج "الامتناع عن الجنس حتى الزواج"، ويتضمن حملات تثقيفية وتعليمية تشجع المراهقين والمراهقات على تأجيل ممارسة الجنس لما بعد الزواج، وأنفقت على تلك البرامج أكثر من ملياري دولار على مدار العشرين سنةً الماضية؛ والنتيجة فشل تلك البرامج في تقليل الفواحش وما ينتج عنها من حمل وأمراض جنسية، بل قامت عدة مراكز بحثية بنقد البرامج واعتبرتها ضارة، المصدر: (https://www.guttmacher.org/news-release/2017/abstinence-only-until-marriage-programs-are-ineffective-and-harmful-young-people )
كيف تنجح تلك البرامج والزواج المبكر ممنوع في الكثير من الولايات ومشوه إعلامياً، والمراهقون والمراهقات جنباً إلى جنب في الفصول الدراسية، والمسلسلات الدرامية، والأفلام السينمائية تسعِّر نار الغرام والرغبات الجنسية، والفاحشة مسموح بها ؟!
البديل الذين تبنته عدة هيئات ومراكز بحثية أمريكية -وانتشر على نطاق واسع جداً- هو تعليم المراهقين "الممارسة الآمنة" للجنس (الفاحشة)، بإتاحة المعلومات الجنسية "الصحيحة" -في تقديرهم-، وطرق الوقاية من الأمراض الجنسية، وتوفير موانع الحمل، ولما لاحظوا "تحسناً" نسبياً في الإحصاءات؛ روجوا لتلك البرامج وضغطوا على الكونجرس الأمريكي لإيقاف برامج "الامتناع حتى الزواج" ولم يكلفوا أنفسهم إعادة النظر في دراسة ودعم وتشجيع "الزواج الآمن" لنفس الفئة العمرية!!.
يركزون على سلبيات الزواج المبكر، وينشرون نماذج المعاناة الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية الناتجة عنه، ولا ينشرون مقابلها النماذج الإيجابية الناجحة للأغلبية العظمى من تلك الزيجات، كما لا يقارنون بين نتائج زواج الصغيرات ونتائج إقامتهن علاقات غرامية وجنسية بدون زواج، يوفرون المراكز الصحية والنفسية لعلاج الأمراض الجنسية ومتابعة الحمل ومناقشة خيار الإجهاض نتيجة الفواحش بين المراهقين والمراهقات مع توفير الدعم النفسي والاجتماعي لتجاوز الآثار النفسية لتلك المشكلات ، ولم يقبلوا توفير مثل تلك المراكز للراغبين في الزواج في نفس العمر !!.
دراسة أمريكية نشرت عام 2015 م: الآثار السلبية للحمل والولادة قبل الثامنة عشرة تكون محدودة بالنسبة للمتزوجات مقارنة بغير المتزوجات، المصدر:
Vol. 7, No. 4 (October 2015), pp. 169-197 American Economic Journal: Applied Economics
في عام 1970 م كان متوسط الأعمار عند الزواج في أمريكا: الرجال 23 والنساء 21، ثم صار العمر يتأخر تحت تأثير عوامل مادية وبيئية وإعلامية: من بينها انتشار الاعتقاد بأن نتائج الزواج تتحسن مع كبر السن وزيادة النضج، فصارت معدلات الأعمار في عام 2021: 30 للرجال و 28 للنساء، وأصبح الذين يتزوجون في أوائل العشرينات يتعرضون للنقد بأنهم "ما زالوا صغاراً!"، لكن الباحثين فاجأوا المجتمع الأمريكي المعاصر بأن المتزوجين في أوائل العشرينات من أعمارهم _رجالاً ونساءً_ يتمتعون بنسبة أعلى من الرضا والاستقرار في حياتهم الزوجية، المصدر : https://www.abc4.com/news/young-marriages-more-successful-than-later-marriages-study-finds/ )
خلال العقود الأخيرة تأخرت أعمار الزواج في مجتمعاتنا المسلمة؛ نتيجة تغيرات ثقافية واجتماعية ومادية، وأصبح زواج الشباب قبل العشرين والفتيات قبل السادسة عشر أمراً مستغرباً جداً. نحن هنا لا نتحدث عن الذين لا يرغبون في الزواج، بل عن الذين يرغبونه ويصطدمون بمعارضة الأهل، وإذا وافقهم الأهل تعرضوا لنقد المجتمع من حولهم، ويظن الكثيرون أن هذه السن لا تناسب تحمل مسئولية الزواج، وأنها تعرض الزوجين الصغيرين للطلاق، في حين أثبتت الدراسات أن الارتفاع الهائل في نسبة الطلاق مؤخراً لا علاقة له بالسن، وأن نسبة طلاق المتزوجين بعد سن الثلاثين ليست أفضل من العشرينيين.
الأزواج الصغار يلجأون عادة للأهل عند الخلاف، والأهل عادة يراعون مصلحة استمرار الزواج فيردمون الخلاف. أما الكبار فيلجأون عادة للأصدقاء، وكثير منهم يراعي مشاعر صديقهم/صديقتهم أكثر من مراعاة استمرار الزواج فيزيدون الخلاف.
"الزواج الآمن" يكون التمهيد له بتوفيق الله في البيوت التي تزرع الثقة في الشباب والفتيات، وتحملهم جزءاً من مسئولية الأعمال المنزلية واستقبال الضيوف، وتشركهم في مناقشة ميزانية الأسرة ومشكلات البيت، وتعطي صورة "واقعية" للزواج باعتباره "سكن نفسي ومودة ورحمة" وفرصة لإنجاب ذرية صالحة تكون سبباً في رفعة منزلة الوالدين في الجنة، ويُكثر أربابها من الدعاء والضراعة أن يوفق الله ذريتهم في زواجاتهم.
يبدأ جني الثمرة باستقبال الخطاب والموافقة بناءً على ميزان الخُلُق والأمانة، وضمان الرؤية الشرعية، ثم انخراط المقبلين على الزواج في برامج التهيئة الإيجابية، ثم تبادل المكالمات والجلسات الودية بعد عقد القران وقبل الدخول، ومناقشة تنظيم النسل، ثم رعايتهم بعد الزواج بالدعاء لهم بالبركة، وترويضهم على تقبل الطرف الآخر، وعدم العجلة في الحكم عليه حتى تمر السنوات الأولى.
هذه التوصيات تعمل جنباً إلى جنب مع الإجراءات التي تتخذها المؤسسات العدلية لمنع الممارسات الظالمة كعضل البنات، أو تزويجهن قسراً لأطماع مادية.
"الزواج الآمن" يوفر البيئة الآمنة لإشباع الرغبات النفسية والعاطفية والجنسية للشباب والفتيات، ويمثل اللبنة المناسبة لتكوين أسرة سوية.
لا نقول : ابدأوا فوراً بتزويج الصغيرات !، لكن صححوا فكرة "زواج الكبار أضمن للاستمرار" فهي خطأ ، وتقبلوا زواج الشباب والفتيات أوائل العشرينات، وتوقفوا عن نقد من يتزوجون قبل ذلك عن قناعة ولديهم القدرة، ﴿وَأَنكِحُوا۟ ٱلۡأَیَـٰمَىٰ مِنكُمۡ وَٱلصَّـٰلِحِینَ مِنۡ عِبَادِكُمۡ وَإِمَاۤىِٕكُمۡۚ إِن یَكُونُوا۟ فُقَرَاۤءَ یُغۡنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ وَ ٰسِعٌ عَلِیمࣱ﴾ [النور ٣٢]
.. قولوا للغرب : لا توجد "فاحشة آمنة"، و"الزواج الآمن" خيرٌ لهم لو كانوا يعقلون !
قال الله تعالى : ﴿وَلَا تَقۡرَبُوا۟ ٱلزِّنَىٰۤۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَـٰحِشَةࣰ وَسَاۤءَ سَبِیلࣰا﴾ [الإسراء ٣٢]
وقال صلى الله عليه وسلم : "لم تَظْهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قَطُّ ؛ حتى يُعْلِنُوا بها ؛ إلا فَشَا فيهِمُ الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أسلافِهِم الذين مَضَوْا" صحيح الجامع .
بيض الله وجهك وجزاك الله خيرا وبارك فيك
ردحذفجزاك الله خير
ردحذفنفع الله بك وجزاك عنا خيرا
ردحذفجزاك الله خير الجزاء
ردحذف