هل الوباء مؤامرة


بسم الله الرحمن الرحيم

هل الوباء مؤامرة؟


الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه

في عام 1430 هجري 2009 ميلادي قدّر الله الحكيم الخبير سبحانه انتشار انفلونزا
A/H1N1 واشتهرت باسم انفلونزا الخنازير وتداول الناس مقابلة لإحدى القنوات الفضائية العربية مع أحد الباحثين الأمريكيين مفادها أن الوباء مؤامرة مدبرة والفيروس مصنع، كما انتشرت رسالة SMS تحمل تحذيرا من وزيرة الصحة الفنلندية بأن الوباء مدبر واللقاح الذي تم إنتاجه يراد به تقليل عدد سكان الأرض بنسبة الثلثين من خلال تأثيره على الجينات البشرية، وحذرت تلك الرسائل من أن المقصود بتلك المؤامرة بالدرجة الأولى هم دول العالم الثالث ومنهم العرب والمسلمون . 

حالة الخوف والهلع التي انتشرت من الوباء ومن تلك الرسائل انتهت بفضل الله ولطفه حين هدأت موجة الوباء ولم يتسبب اللقاح في شيءٍ من الآثار المزعومة ، ومازال اللقاح يستعمل إلى الان ضمن لقاح الإنفلونزا الموسمية لأن الفيروس بعد الحالة الوبائية اندرج في قائمة الفيروسات التي تسبب انفلونزا موسمية.

زاد عدد سكان العالم وكانت نسبة الزيادة واضحة لدى العرب والمسلمين ! وتبين عدم صحة دعوى المؤامرة على أرض الواقع ، لكنها نجحت في زيادة الخوف والقلق ورفض شريحة كبيرة في مجتمعنا للقاح، وانتشر الشك في مصداقية مسؤولي الصحة والهيئات الطبية.

وها هو المشهد يتكرر في جائحة كورونا الحالية 1441 _ 1442 / 2020 _ 2021 !

على الأغلب -والعلم عند الله سبحانه- أنه سيتكرر في المستقبل ، لأن الاستقراء التاريخي للأوبئة العالمية يشير إلى تكررها كل عشر سنوات إلى أربعين سنة تقريباً ، ويفيدنا اختصاصيو علم النفس الإعلامي أن الشائعات جزء متوقع من كل حدث مهم يكتنفه الغموض ، فهذان العنصران -الأهمية والغموض- بيئة خصبة لتداول الشائعات ، وهما حاضران بقوة في بداية أي جائحة وبائية تهدد العالم أو جزءاً كبيراً منه ؛ فالوباء يهدد حياة الناس ومعاشهم ، والمعلومات التي تزيح ستار الغموض عنه وعن سببه وسبل مقاومته لا تتوفر فوراً ، بل يحتاج الخبراء المتخصصون زمناً ليس بالقليل من البحث والتحليل . 

  

لماذا يميل البعض للشعور بوجود مؤامرة مدبرة (يشم رائحة المؤامرة) بمجرد ظهور الوباء وقبل معرفة تفاصيله؟ 

ولماذا يبدأ بعض المثقفين المسلمين المتحمسين لنظرية المؤامرة تفسيره للوباء بقوله (المؤمن كيِّسٌ فطن !) ، مشعراً المتلقي أن التعامل مع الوباء كقدر طبيعي غفلة وغباء ، وأن الذكاء والفطنة تقتضي تكذيب وزارات الصحة والهيئات الطبية والجمعيات العلمية ، ومضمناً رسالته التحذيرية معلومات أخذها من كتب تتحدث عن عوائل يهودية تسيطر على العالم ، و تنظيمات سرية تتحكم في الدول والحكومات التي صارت بين أصابع تلك التنظيمات مجرد لوحة شطرنج ، ورموز رأسمالية ينشرون الأمراض لإحكام السيطرة على الاقتصاد الدولي ، و نظرية سكانية تقترح إنقاص سكان العالم من الضعفاء ليتبقى مليارٌ ذهبي ينعمون بالأرض وخيراتها..

لماذا استهوته تلك الكتب دون غيرها مما يخالفها في المضمون والتحليل للأحداث ؟! وكيف يُسلِّم لها ببساطة دون مراجعة رأي النقاد المتخصصين في السياسة والاقتصاد ؟! وكيف يصدق أن مصير العالم بيد عائلة يهودية مع أنه يؤمن بأن الله هو المدبر ويقرأ ذلك في القرآن صباح مساء ؟!

لماذا يأخذ برأي إعلامي مشهور أو كاتب سياسي أو ممارس صحي غير متخصص في الوبائيات والطب الوقائي لأنه يفسر الوباء بالمؤامرة ، ويترك اتفاق اختصاصيي الأمراض المعدية والميكروبات والطب الوقائي على أن الوباء كان متوقعاً ولا يوجد دليل علمي على المؤامرة ؟

حينما لاحظ بيل جيتس أن الأسرة تقلل عدد مواليدها إذا كانوا سيسلمون من الوفاة بسبب الأمراض والعدوى، أما إذا كثرت الوفيات لجأت لولادة المزيد وبالتالي استمرت نسبة النمو السكاني العالمي في الزيادة ، وتبنى فكرة أن تحسين الرعاية الصحية للمواليد والأطفال وتوفير اللقاحات الفعالة ضد الأمراض المعدية سيقلل وفيات الأطفال وبالتالي ستقلل الأسر من عدد مواليدها وسيتحقق استقرار نسبة النمو السكاني العالمي (رابط المقالة) ، لماذا قام أنصار فكرة المؤامرة وخصوم اللقاحات في الغرب بنشر المعلومة بالمقلوب ، وادعوا أن بيل جيتس بالتواطؤ مع منظمة الصحة العالمية سيسعون في تقليص سكان العالم من خلال الإرغام على اللقاحات التي تقتل البشر و تسبب العقم ؟!!، ولماذا صدقهم المتحمسون لفكرة المؤامرة في البلاد العربية والإسلامية ؟ 


تشير بعض البحوث الغربية التي درست تنامي فكرة المؤامرة عندهم إلى وجود أسباب نفسية ومعرفية وشخصية لهذا الميل:

 بعض الأشخاص يعتنقون فكرة المؤامرة عند شعورهم بالقلق أو قلة الحيلة أو بسبب شعورهم بالتهميش وبعدهم عن مواقع التأثير.
لذلك تظهر دعوى أن الوباء واللقاحات مؤامرة لدى الأفراد والمجموعات الأقل سيطرة اقتصاديا وسياسيا كما يتحمس لها أنصار مدرسة الطبيعة والتداوي بها. 

الاعتقاد بفكرة المؤامرة في هذه الحالة وسيلة دفاعية نفسية عند شعور الفرد بالعجز، فيتهم القوى المسيطرة بالمؤامرة ليمنح نفسه شعورا بالرضا والتنفيس، لكن الدراسات بينت أن الأثر عكسي؛ فبدلًا من شعوره بالرضا، يصبح أكثر قلقًا وأقل تفاعلًا مع الأحداث لأنه يراها مدبرة ولا يملك تغييرها أو مقاومتها.

الحكم على الوباء بأنه مؤامرة فور ظهوره هو اختيار نفسي مسبق لإشباع مشاعر الحنق من القوى الأكثر نفوذا، أو حيلة نفسية ليظهر المرء أمام نفسه والآخرين بمظهر إيجابي، فالمصائب التي تقع عليه سببها كيد الأعداء والخصوم، وعدم قدرته على مقاومتها ليس دليلا على نقصه، وإنما بسبب شدة مكر ونفوذ قوى الشر !

السبب المعرفي لاعتناق فكرة المؤامرة هو العادة العقلية لدى البعض بضرورة الربط بين الأشياء وإيجاد المعاني لكل ما يحدث، وبالتالي عدم قبول التفسيرات التلقائية والعفوية للأحداث وخصوصا الكبيرة، وعدم الارتياح لبقاء أسئلة عالقة غير معروفة الإجابة، فالأوبئة العامة عندهم لابد لها من ترتيب مسبق ضخم ولا تحدث فقط هكذا، وتفسيرها بالمؤامرة يجيب على كل الأسئلة التي لا يجيب عليها المتخصصون الذين يحتاجون الكثير من الوقت لدراسة الجائحة الوبائية قبل الإجابة.

السبب الآخر لدى طائفة قليلة من معتنقي فكرة المؤامرة هو نمط الشخصية النرجسية، فاعتقاد المؤامرة يعطي صاحب هذه الشخصية الشعور بالفوقية ومعرفة ما لا يعرفه عامة الناس، وهؤلاء لديهم نزعة لاحتقار الآخرين واتهامهم بالتغفيل والغباء.

لا تقوم فكرة المؤامرة على البراهين، ولكنها تعتمد على الربط بين الأحداث والمستفيدين منها أو التوقعات الاستباقية لبعض الرموز السياسية والاقتصادية، أو الثغرات في الأخبار الرسمية، أو حالات الأخطاء والفساد التي تقع أحيانا في بعض الدوائر الصحية.

يصعب إقناع أصحاب فكرة المؤامرة بخلاف فكرتهم حتى لو ظهرت تفاصيل تثبت أن الوباء كان أمرا طبيعيا وغير مدبر لأنهم يفسرون النتائج تبعا لفكرة المؤامرة، فإذا حدث ما يعتبرونه دليلا كوفاة عالم مهتم بالوباء (مع أن المئات بل الآلاف غيره أحياء، كما أن علماء ماتوا قبل الوباء ويموتون بعده كغيرهم من البشر! ) أو تم عقد صفقات دوائية مع شركات تخصصها له علاقة بالوباء (مع أن الكثير من الشركات الطبية تخسر حال الأوبئة بسبب توقف وتأجيل الكثير من الخدمات الصحية التي لا تتعلق بالوباء) أو تم تقليل الإجراءات الوقائية وطمأنة الشعوب بأن الخطورة أقل مما كان متوقعاً ( بعد توفر معلومات أكثر عن الميكروب المسبب وتحسن مؤشرات الخطورة) ، قالوا: هذا يثبت الكذب والمؤامرة !

 وإذا ظهر ما يثبت العكس كالدراسات المتخصصة التي تبين مصدر الميكروب (كما في حالة وباء كورونا الحالي حيث أن تركيبة الفيروس والطفرات الجينية الظاهرة عليه تشير إلى أنه لا يمكن أن يكون مصنعاً) ، واتفاق كافة دول العالم الغربية والشرقية والحيادية التي تضررت جميعها بالوباء على مواجهة الأزمة كوباء طبيعي، وثبوت فعالية اللقاح بالإحصائيات .. قالوا: المتآمرون يزيفون الأدلة لإخفاء المؤامرة ويتلاعبون بالأرقام والإحصاءات !

 وإذا لم يظهر أي دليل في الطرفين، قالوا: المتآمرون يلتزمون الحذر كي لا تنكشف مؤامرتهم .

 بل لا يتورع بعضهم عن اتهام من خالفه الرأي بأنه جزء من المؤامرة !


ولذلك فالكثير ممن فسّروا انفلونزا الخنازير واللقاح الخاص بها بالمؤامرة لتقليل سكان الأرض لم يتراجعوا عن موقفهم بعد بطلان فرضيتهم ، بل بادروا إلى دعوى المؤامرة مع ظهور وباء كورونا الحالي ، وعلى الأرجح لن يقتنعوا بكل التفاصيل التي أثبتت خلاف نظريتهم .

 

في العالم الإسلامي توجد نفس المبررات النفسية والمعرفية والشخصية لدى البعض للتشبث بفكرة المؤامرة ، وقد نكون أكثر عرضة لانتشارها نظرا للظروف السلبية التي يعيشها العالم الإسلامي عقديا وسياسيا واقتصاديا وأمنيا منذ أن تسلط عليه الاستعمار الروسي والغربي فنحى الشريعة وزرع اللادينية والفرق الباطنية المنحرفة ونزع الحشمة ونشر الفواحش وقسم الشعوب وسلب الخيرات وأثار النعرات والخلافات، وما خرج من العالم الإسلامي بجسده إلا وقد ترك فيه نظرياته وثقافته وتلاميذه وصفحات من الذكريات المؤلمة دونها الغيورون على دينهم وبلادهم لتقرأها الأجيال من بعدهم فيرون الكثير من تلك الآثار مازالت تنهش جسد الأمة .

المسلم المعاصر مازال موجوعا من غدرة الاستعمار، ولا غرابة أن ينظر للأحداث العالمية الكبرى بعين التوجس والقلق والريبة، إلا أن بعض الأفاضل -وفقنا الله وإياهم- بالغ في التوجس ونظر للحدث بعين الحنق ، ووجد لدى منظري المؤامرة الغربيين والشرقيين ما يعتقد أنه يشفي غليله، في حين لم يشعر أنه يشرب من ماء البحر !

 

قراءة غير السياسي والاقتصادي لكتب "المؤامرات والمنظمات السرية والأيادي الخفية" لا تشفي الغليل !

فغير المتخصص في السياسة والاقتصاد وتاريخهما لا يملك القدرة الكافية على اكتشاف أخطاء تلك الكتب والأطروحات ونقد مضمونها بشكل موضوعي .

عالم الاقتصاد والسياسة عالمٌ سريع التغير والتقلب ، فما أكثر المعاهدات السرية التي ألغيت !  وما أكثر الملفات السياسية التي عٌمل بها فترة من الزمن ثم طويت وأهملت بعد انتهاء الغرض منها أو فشلها أو تحقيقها لنتائج معاكسة لغرضها الأساس ! وكم من منظمة سرية تواطأ أعضاؤها على الشر ثم اختلفوا على تقسيم المكاسب فتعادوا وتحاربوا ؟! وكم من نظرية اقتصادية ظهرت على السطح واقتنع بها بعض السياسيين ثم ما لبثت أن اُنتقدت وهُجرت ! وكم من لوبيٍّ امتلك مراكز التأثير في دولة ما ثم تراجع تأثيره مع نمو قوى أخرى مضادة ، وكم من شركة "كبرى" أفلست !، وكم من تحالفات سياسية واقتصادية انفضت وانقلبت تنافساً وعداوة !

من جهة أخرى ؛ هناك مفارقة تاريخية مشاهدة منذ القدم بين تصرفات الساسة والعسكريين في دولة ما عندما يحاربون غيرهم أو يحتلون أرضه وبين تصرفات المؤسسات المدنية في نفس الدولة، فلا يمكن قياس مخرجات المؤسسات المدنية في الدول الغربية المعاصرة (مراكز البحوث العلمية والخدمات الصحية والاجتماعية والجمعيات الطبية) على تصرفات قياداتها السياسية والعسكرية عندما تحارب أو تحتل بلدا إسلامياً. 

وصحيح أن الأرض تشتكي من كثرة الفساد والظلم ، إلا أنها ليست خاليةً من أنظمة عدلية ، ومؤسسات إنسانية ، وإعلامٍ مفتوح يمارس دور السلطة الرابعة ، ورجالات سياسة واقتصاد معروفين بالمصداقية .

والأهم من ذلك كله : ﴿وَهُوَ ٱلۡقَاهِرُ فَوۡقَ عِبَادِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِیمُ ٱلۡخَبِیرُ﴾ [الأنعام ١٨] ، ﴿هُوَ ٱلۡأَوَّلُ وَٱلۡـَٔاخِرُ وَٱلظَّـٰهِرُ وَٱلۡبَاطِنُۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَیۡءٍ عَلِیمٌ﴾ [الحديد ٣] .

مراعاة السنن الربانية في الكون ، واستحضار إحاطة القاهر سبحانه بالخلق علماً وقدرة وتدبيراً ، وفهم طبيعة التقلبات السياسية والاقتصادية وتغير مراكز القوى والتأثير في الدول والعالم ؛ تمكن المثقف المسلم من قراءة متوازنة للأحداث ، أما اعتماد غير المتخصص على كتب وأطروحات "المؤامرة" فإنها  تزرع لدية الشك في غير محله ، وتسلبه الثقة في قدرته على التأثير في عالم الأحداث ، وتعمق شعوره بالعجز حابسةً له في خانة المفعول لا الفاعل ، وتزيد حنقه على الأوضاع .  المتأمل لتغريدات ومقالات ومقاطع بعض الفضلاء الذين يرون المؤامرة خلف الوباء يدرك حجم الحنق والتوتر الذي يعيشونه وينشرونه بين متابعيهم وهم لا يشعرون.






من أهل الاختصاص الذين يؤخذ بقولهم في الحالات الوبائية ؟

أهل الاختصاص في الأوبئة هم : اختصاصيو الأمراض المعدية/اختصاصيو الطب الوقائي ومكافحة العدوى/اختصاصيو علم الميكروبات ، وكذلك الجمعيات الطبية والمراكز البحثية المرتبط تخصصها بالأوبئة . 

أما أصحاب التخصصات الصحية الأخرى فضلاً عن الاختصاصات غير الصحية فنستفيد منهم ونستفتيهم في القضايا المتعلقة بتخصصاتهم . 

النوازل الفقهية لا يفتي فيها إلا الفقيه الراسخ ، ومن الخطأ الاعتماد على فتوى المتخصص في التفسير أو مصطلح الحديث أو علم العقيدة لمجرد أن تخصصه شرعي وهو غير معروف بالرسوخ في الفقه ! والخطأ أكبر حين يُستفتى الطبيب والإعلامي و الأديب والمحلل السياسي في المسائل الفقهية . كذلك النوازل الطبية ؛ يؤخذ برأي كل متخصص في تخصصه .


استدل ثم اعتقد ، ولا تعتقد ثم تستدل .. عندما تدرس موضوع الوباء والمؤامرة كي تصل لنتيجة صحيحة ؛ احذر من تبني الحكم أولا ثم البحث له عن أدلة ، لأنك ستفقد الموضوعية وستقع في التحيز العلمي والانتقائية الاستدلالية ، لكن اجمع كل المعلومات والأدلة المتوفرة وادرسها بتجرد، بشرط أن تكون لديك القدرة من حيث التخصص على فحص تلك المعلومات وفرز غثها من سمينها ثم استخلص النتيجة .


تعرف على كبار منظري فكرة المؤامرة في الغرب والشرق بالقراءة عنهم ومطالعة مواقعهم الإلكترونية ومنشوراتهم لتكون أكثر موضوعية في التعامل مع فرضياتهم ..

منهم من ينتمي لبعض أجنحة اليمين المتطرف المعادي لليهود ، فلا تفرح به كثيرا حين يزعم أن العوائل اليهودية المتنفذة في أمريكا هم صناع الوباء ؛ لأنه أيضاً يعادي المسلمين ويزعم أنهم الخطر القادم على أمريكا ولابد من إقصائهم !. أليس من الحكمة أن نطالبه بالدليل الموضوعي على كل ما يقول ؟ 

 ومنهم من ينتمي لملاحدة العهد الجديد ، يزعم أنه يستمد طاقته من الكون وأن الفيض الروحاني الذي يتمتع به دون غيره من البشر أوحى إليه بتآمر بعض الرموز الرأسمالية لنشر الوباء !.

ومنهم أنصار الطبيعة الذين ينادون بالتداوي الطبيعي (بعضهم باحثون حقيقيون ومتخصصون في التغذية أو الطب البديل ، وبعضهم تجار منتجات طبيعية ...) ولديهم موقف سلبي حاد من التصنيع الدوائي الكيميائي واللقاحات لأنها _حسب فرضيتهم_  تتدخل في طبيعة الجسم البشري ، وبالتالي يرون الطب الحديث ومؤسساته وجمعياته امتداداً لذلك التدخل المرفوض ، ويرى بعضهم أنّ شركات الأدوية عدو للبشر؛ تتاجر بأرواحهم ، وتنشر الأوبئة وتختلق الأزمات الصحية لبيع منتجاتها ، وأنها تسيطر بأموالها ونفوذها على المؤسسات الصحية الدولية والجمعيات العلمية الطبية فلا يصدر عنها إلا ما يوافق مصالح تلك الشركات ! 

ومنهم أصحاب مواقع ومناصب سابقة ، فقدوا أدوارهم في صناعة القرار، ويوجهون التهمة لصناع القرار الحاليين .


لو كان كل أولئك يعتمد على برهان موضوعي ودليل محسوس لاتفقت روايتهم في تفسير الوباء وحكاية سيناريو المؤامرة، واتحدت أجوبتهم على الأسئلة الرئيسية : من المتسبب في الوباء ولماذا فعل ذلك ؟ وما الدليل ؟ ، لكن فرضيات المؤامرة المطروحة حالياً  في جائحة كورونا -على سبيل المثال-  مختلفة جداً ومتعارضة ، وهو مؤشر واضح لتبني كل طائفة أحكاماً مسبقة بحسب ميولهم واهتماماتهم ، ويعوضون قصور الدليل الموضوعي باللغة الواثقة والتركيز على المستفيد من الحدث والتعميمات الهلامية وملامسة مشاعر الجماهير ومعاناتهم المتأثرة بالوباء . 

 

الأوبئة جزء من الماضي والحاضر والمستقبل فليس صعبا توقعها 

من الناحية الشرعية لدينا تنبيه واضح بأن الأوبئة موجودة من القدم فأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الطاعون رجز (أي عذاب) وقع على قوم من قبلهم وأنه لن يزال موجودا رحمة للمؤمنين، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتغطية الآنية وقال: فإن في السنة يوما ينزل فيه وباء. قال الليث بن سعد رحمه الله وهو من كبار تابعي التابعين ومن رواة هذا الحديث: الأعاجم عندنا يتقون ذلك في كانون الأول. أي: يتوقعون نزول الوباء في شهر ديسمبر.

ومن الناحية التاريخية تخبرنا كتب التاريخ عن العديد والعديد من الأوبئة في الماضي القريب والبعيد.

ومن الناحية الطبية فالمتخصصون في الوبائيات والأمراض المعدية ومكافحتها أعرف الناس بحجم وتكرار الأوبئة المعاصرة. تشير الدراسات الاستقرائية للأوبئة أن العالم يجتاحه وباء عام كل عشر سنوات إلى أربعين سنة تقريبا ، هكذا اقتضت حكمة الحكيم الخبير سبحانه ؛  جائحة الكوليرا السادس 1899 - 1923 ، الأنفلونزا الإسبانية ( H1N1 ) 1918 - 1920 ، الأنفلونزا الآسيوية (H2N2) 1957 _ 1958 ، انفلونزا هونج كونج 1968 - 1969 ،   أنفلونزا الخنازير (H1N1) 2009 - 2010 ،  كورونا المستجد (كوفيد 19+ 20) 2020 – 2021 .

 وفي دراسة نشرت عام 2014   رصدت الأوبئة التي ظهرت بين عامي 1980 و 2013 (أي خلال 33 سنة) فكانت أكثر من 12 الف متفشية وبائية ل 215 مرض وبائي مختلف أصاب 44 مليون فرد في 219 دولة، وحجم المتفشيات متفاوت (وباء في مدينة واحدة أو عدة مدن في دولة واحدة أو عدة دول أو جائحة عالمية) ولوحظ أن المتفشيات الوبائية تتزايد عبر السنوات. لذلك زادت المجلات الطبية الدورية المتخصصة في الأمراض المعدية والأوبئة ومكافحتها كما زاد عدد المؤتمرات الطبية في ذات المجال وأيضا زاد عدد مراكز مكافحة الأوبئة في الدول، وقامت منظمة الصحة العالمية في عام 2015 بعقد ورشة عمل لخبراء مكافحة الأوبئة من مختلف دول العالم وخرجت بتوصيات مهمه من أبرزها زيادة التحضير للتعامل مع أوبئة وجوائح متوقع ظهورها.

 قامت عدة مراكز بحثية بإقامة تجارب محاكاة للأوبئة (سيناريو لحالة وبائية كأنها حقيقية وليست حقيقية للتدريب على مكافحتها والتعرف على الثغرات وسبل تحسين وسائل الوقاية).

تزامن مع هذا الحراك العلمي المكثف المنشور والمعلن ظهور العديد و العديد من التوقعات والتحذيرات العلمية والمئات من الأفلام السينمائية (أكثر من 400 فيلم عن الأوبئة حسب جريدة اليوم السابع) والقصص الروائية والتحذيرات الرسمية وغير الرسمية لعدد من رجال السياسة والاقتصاد بل وتكهنات العرافين .. كلها تحكي سيناريوهات مختلفة لأوبئة مستقبلية؛ قسم من التوقعات غريب وخيالي، وقسم يتسم بالواقعية والرزانة مستفيدا من خبرة ورأي المتخصصين في الطب الوقائي والأمراض المعدية، وهذا القسم من الطبيعي جدا أن تتشابه بعض أجزائه مع وقائع الوباء الحقيقي إذا حصل فعلا، فالأوبئة المتكررة متشابهة، وإذا تشابهت بعض أحداث الوباء مع مشهد في فيلم أو جزء من رواية أو تكهن من عراف دجال أو توقع من عالم حصيف.. فليس من المقبول علميا ولا منطقيا أن يكون هذا التشابه دليلا على أن الوباء مؤامرة مدبرة، والأسوأ من ذلك أن يصدق البعض أن تجارب المحاكاة دليل على المؤامرة في حين أنها كانت مساهمة إيجابية للتدريب على مكافحة الأوبئة.

 

الحوادث السلبية

خلال ممارستي الطبية اطلعت على بعض حالات التلوث الدوائي وبعض حالات الفساد.. وشاهدت كيف تعاملت معها اللجان والإدارات المسئولة بحزم لمنع تكررها . لم يتعامل معها أحد من المتخصصين والإداريين والقضاة الشرعيين على أنها مؤامرة لقتل المرضى ، فتلك الحوادث لها أسباب معتادة ؛ كالإهمال أو السهو والخطأ البشري المحض أو نقص معايير الجودة أو ضعف الوازع الإيماني ووازع أخلاقيات المهنة ، وهي أمور تحدث في كل الدول والمجتمعات لكنها تزيد مع نقص جودة الأنظمة الرقابية .

السواد الأعظم للمؤسسات الطبية والدوائية والقائمين عليها يرفضون تلك الحوادث السلبية ويتشاركون في منعها وتحسين التدريب الطبي والدوائي وتطوير معايير الجودة ورفع الوازع الأخلاقي في عمل دؤوب ومستمر نعايشه خلال ممارستنا الطبية ، فالذي يصدق أن المنظمات الصحية الدولية جزء من المؤامرة أبعد النجعة وحكم على الكل بسبب الحوادث المفردة . 

﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ كُونُوا۟ قَوَّ ٰمِینَ لِلَّهِ شُهَدَاۤءَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا یَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَـَٔانُ قَوۡمٍ عَلَىٰۤ أَلَّا تَعۡدِلُوا۟ۚ ٱعۡدِلُوا۟ هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِیرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ﴾ "  وَلَا یَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَـَٔانُ قَوۡمٍ عَلَىٰۤ أَلَّا تَعۡدِلُوا۟ۚ أي لا يحملكم بغض أناس على عدم العدل معهم .

 

الوباء نازلة .. ولّ حارّها من تولى قارّها

عادة.. الذين يدّعون أن الوباء مؤامرة أو يصدقون تلك الدعوى ويساهمون في نشرها بعيدون عن تخصصات الطب الوقائي والأمراض المعدية ومكافحة العدوى وعلم الميكروبات، وبالتالي لا يمتلكون القدرة الكافية على تمحيص الدعاوى واكتشاف الأخطاء العلمية في رسائل المؤامرة.

الوباء يعتبر نازلة صحية واجتماعية وفقهية واقتصادية، ومواجهتها يكون باجتماع وتشاور أهل الاختصاص والحل والعقد والفقهاء الراسخين لتقييم الموقف والتوجيه بما يلزم، أما الاجتهادات الفردية فهي عرضة للخطأ الناتج عن الاندفاع ونقص التصور، قال بعض التابعين رحمهم الله "إن أحدَكَم ليفتي في المسألة ولو وَرَدَتْ على عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر“ وقال التابعي الجليل المسيب بن رافع :" كان إذا جاء الشيء من القضاء، ليس في الكتاب ولا في السنة، سمي صوافي الأمراء فيرفع إليهم، فجمع له أهل العلم، فما اجتمع عليه رأيهم فهو الحق“، وقال التابعي الجليل ابن هرمز شيخ الإمام مالك:" أدركت أهل المدينة وما فيها إلا الكتاب والسنة، والأمر ينزل فينظر فيه السلطان“ وقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لِأَبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عُمَرَ: «أَلَمْ أُنَبَّأْ أَنَّكَ تُفْتِي النَّاسَ؟ ، وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا»

وهذا مَثلٌ مِن أمثالِ العرَبِ، ومعناه: ولِّ شِدَّتَها وتبعاتها مَن تولَّى هَنِيئَتَها ولذَّاتِها، وفيما يتعلق بالوباء فقد تولى اختصاصيو الطب الوقائي والأمراض المعدية ومكافحة العدوى والميكروبات مسئولية التقييم والتوجيه الطبي، وتولى مسؤولو الصحة إدارة الأزمة وتولت لجنة الفتوى التوجيه الشرعي فاترك تبعات الفتيا ومسئولية الكلمة أمام الله وأمام الخلق لمن تولاها. 


فكرة المؤامرة واتخاذ الأسباب الوقائية

تصديق فكرة المؤامرة أحد أسباب إهمال اتخاذ الأسباب المشروعة لمكافحة الأوبئة والأمراض المعدية عموما ، ومن ذلك تراجع نسبة التطعيم لدى الأطفال والكبار، وخلال ممارستي لطب الأطفال رأيت النجاح الكبير بفضل الله للقاحات في تقليل الكثير من حالات العدوى الخطيرة، كما عاصرت أكثر من متفشية وبائية للحصبة يكون عامة المتأثرين بها الذين لم يأخذوا اللقاح. نحن كمتخصصين في الأمراض المعدية لدى الأطفال نعرف الأعراض الجانبية للقاحات ولأنها عادة يسيرة فإننا نحرص على تطعيم أبنائنا وبناتنا ونحرص على أن يحصل كافة الأطفال على اللقاحات المعتمدة.






الوباء والحرب الإعلامية

عندما تظهر فكرة المؤامرة ويتحدث بها منظروها في المجتمعات الغربية تقوم بعض وسائل الإعلام بنشرها لغرض الإثارة أو لخدمة انتمائها الفكري والسياسي، في ١٦ مارس 2020 أصدر الاتحاد الأوروبي وثيقة رسمية يتهم فيها روسيا بالتضليل الإعلامي لنشر الذعر وعدم الثقة داخل المجتمعات الأوروبية بسبب جائحة كورونا ، وأفادت الوثيقة أن وسائل الإعلام الموالية للكرملين الروسي تقوم بتضخيم النظريات التي مصدرها الصين أو إيران أو اليمين المتطرف الأمريكي ، وأنشأ الجهاز الأوروبي وحدة لمكافحة التضليل الإعلامي . بادرت روسيا بنفي التهمة في حين نشطت قنواتها الإعلامية في نشر الآراء التي تتهم قادة الغرب وأمريكا على وجه الخصوص بالتآمر، وقامت وزارة العدل الأمريكية بتسجيل شبكة روسيا اليوم RT ووكالة أنباء سبوتنيك الروسيتين كعملاء أجانب وهذا يعني فرض بعض القيود على أنشطتها، فردت روسيا بقرار مماثل حيث سجلت ٩ وسائل إعلامية على أراضيها تمولها أمريكا كعملاء أجانب وهي صوت أمريكا وراديو الحرية و٧ مواقع ومحطات إذاعية تابعة لها.

عندما تصلك رسالة من وسيلة إعلامية شرقية (روسية أو صينية) عن مؤامرة غربية (أمريكية أو أوروبية) ، وكذلك العكس إذا كانت الرسالة من وسيلة غربية وتتهم الصين مثلا بتصنيع الفيروس؛ تعامل معها بحذر.

والذي يعتقد أنه أكثر وعيا بتصديق فكرة المؤامرة فالاحتمال الآخر أنه ضحية حرب إعلامية بين الشرق والغرب وهو لا يشعر، والفصل بين الاحتمالين يحتاج إلى برهان موضوعي يؤكد أن الوباء مؤامرة.


هل يؤثر الخلاف العقدي والسياسي على تقييمنا للموقف ؟

روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال( لقد هممت أن أنهى عن الغيلة فذكرت أن فارس والروم يصنعون ذلك ولا يضر أولادهم) . كان الاعتقاد السائد عند العرب أن جماع الزوجة في فترة الرضاعة يضر بالطفل الرضيع ، ويسمونه الغيلة ، فأراد النبي صلى الله عليه و سلم أن ينهى الصحابة عن ذلك خوفا على الأطفال ، وهو من الاجتهادات الدنيوية التي يستشير فيها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وينظر في خبرات الآخرين ، فأخذ بفعل فارس والروم مع أنه 
صلى الله عليه وسلم بشر المسلمين بالنصر على مملكتي فارس والروم في معارك فاصلة ، وفي نفس الوقت الذي كان الوحي يتنزل بالدعوة الى التوحيد والتحذير من عقائد المجوس والنصارى المحرفة . 

وروى مسلم في صحيحه أيضا عن المستورد القرشي رضي الله عنه أنه قال عند عمرو بن العاص: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (تقوم الساعة والروم أكثر الناس) فقال عمرو: انظر ما تقول! [يعني هل أنت متأكد] قال: ما أقول إلا ما سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عمرو: أما وقد قلت ذلك فإن فيهم خصالا أربعا [يعني فيهم خصال سبب لبقائهم وكثرتهم وانتشارهم الى قيام الساعة] وذكر منها (وخيرهم لفقير ويتيم وضعيف) [يعني أنهم من خير الناس لفقرائهم وأيتامهم وضعفائهم]. هذا الكلام يقوله عمرو بن العاص رضي الله عنه وقد حارب الروم وعايشهم وعرف كيدهم السياسي والعسكري . 

تأملوا الحديثين السابقين إذا جاءتكم رسالة تحذركم من اللقاحات وتحاول إقناعكم أن الدول الغربية تستعمل التطعيمات ويتلقاها أطفالهم مع أنها ضارة نتيجة مؤامرة بين صناع القرار وشركات الأدوية، وتأملوا قول عمرو بن العاص (وخيرهم لفقير ويتيم وضعيف) إذا جاءتكم رسالة مفادها أن الدول الأوروبية أهملت علاج المسنين أثناء وباء كورونا للتخلص منهم، وحاولوا البحث بشكل موضوعي علمي؛ ماذا يجب فعله إذا تزاحم مريضان على جهاز التنفس الصناعي: شخص مسن احتمال شفائه ضعيف والآخر شاب احتمال شفائه أكبر؟

ولمزيد من الموضوعية تواصلوا مع من تعرفون ممن يعيش في تلك الدول واسألوهم عن الأنظمة والخدمات المقدمة للأطفال والمسنين وغيرهم من الضعفاء.




ألا يمكن أن يكون الوباء حربا بيولوجية؟

الحرب البيولوجية أمر تخاف منه كافة الدول لصعوبة السيطرة على الميكروبات فهي لا تفرق بين العدو والصديق ولا تلتزم بالحدود السياسية، واستخدامها من قبل أي دولة مخاطرة ومجازفة لأن الميكروب المستخدم قد يعود للانتشار في نفس الدولة أو في دول صديقة ، بل وتتخوف الدول من سوء استخدام الأسلحة البيولوجية في داخل الدولة نفسها لو وقعت في يد أطراف النزاعات الداخلية ، ولذلك وقّعت أغلب الدول على إيقاف تطوير هذا النوع من الأسلحة، لكنها مازالت تتوجس عند ظهور الأوبئة من احتمالية التصنيع والتطوير المعملي والأخطاء العلمية فتبادر المراكز البحثية المتخصصة إلى دراسة احتمالية كون الميكروب مصنعاً ،  كما حصل في الوباء الحالي وثبت أن الفيروس لا يمكن أن يكون مصنعا . الذي بادر إلى الاعتقاد بأن وباء كورونا الحالي أول ظهوره كان مؤامرة أمريكية لضرب اقتصاد الصين أو كان صنعة صينية لبيع اللقاح والأدوية ، يحتاج إلى معرفة المزيد عن الحرب البيولوجية من كتابات المتخصصين لا من مقالات أنصار المؤامرة، ليكون أكثر موضوعية في حال ظهر وباء آخر مستقبلا.


الحرب النفسية والدعاية السوداء 

الذي يعتقد أنه بنشره لرسائل المؤامرة يشوه صورة العدو أو أنه أكثر نصحاً للناس وحرصاً على سلامتهم فالاحتمال الآخر أنه يساهم في الدعاية السوداء لخصمه ويزيد من قوته وهو لا يشعر، وينشر الرعب في قلوب الذين يريد نصحهم وسلامتهم .

 الحرب النفسية وسيلة فتاكة لتخويف الخصم وهزيمته ، ومن أخطر أساليبها الدعاية السوداء ، وهي أسلوب خفي ومراوغ لإظهار القوة وتخويف الخصم ، ولها عدة استراتيجيات منها أن تقوم دولة أو منظمة ما (بشكل خفي) بتبني فرد أو حزب أو وسيلة إعلامية غير رسمية  تنشر بشكل مدروس ما يظهر للناس على أنه معارضة وتشويه وفضح للدولة أو المنظمة التي أسسته، لكن محتوى الفضائح والتشويه يغرس صورة ذهنية مخيفة ومرعبة لدى الخصوم الذين يصدقون الرسالة الإعلامية بسبب لباس المعارضة الذي تلبسه ، وتقوم تلك الدولة أو المنظمة بالنفي أو السكوت، ولا يمكن محاكمتها لأن الدعاية لا تمثلها رسميا.

 استخدمت عدة دول الإذاعات السرية والمطبوعات الورقية للدعاية السوداء أثناء الحرب العالمية الثانية، وزاد استخدامها بعد ذلك نظرا لنجاحها، أما اليوم فإن الفضاء الالكتروني ومواقع التواصل صارت أرضاً خصبة لطوفان الدعاية السوداء .

 يمثل بعض الكتّاب للدعاية السوداء ب (بروتوكولات حكماء صهيون) ؛ منشور غير رسمي ومثير للجدل حول حقيقته ومصدره ، لكن المؤكد أنه (والمواد الإعلامية المشابهة عن الماسونية) زرعت في قلوب الكثيرين خوفا مفرطا من النفوذ الصهيوني والماسوني ، وأشعرتهم أن دسائس الصهاينة تبيت معهم في فرشهم! وزرعت الشك بين الأفراد والمؤسسات وهو مكسب كبير لصالح الصهيونية والماسونية . 

الكتب والمواد الإعلامية التي تتحدث عن : خفايا الماسونية والبروتوكولات الصهيونية وخطر العوائل اليهودية تعمل عملها المؤثر بتضخيم القوى اليهودية وتصويرها على أنها تفعل ما تشاء وتحكم ما تريد ولا يمكن مقاومتها ، وهذا الشعور بحد ذاته هزيمة نفسية لدى القارئ والمتلقي لا تقل خطراً عن الهزيمة العسكرية ، ولعل أصدق جملة وردت في تلك الكتب ؛ ما جاء في البروتوكولات : " سنريد من الناس أن يفهموا أننا استحوذنا على كل شيء أردناه، وأننا لن نسمح لهم في أي حال من الأحوال أن يشركونا في سلطتنا ، وعندئذ سيغمضون عيونهم على أي شيء بدافع الخوف، وسينتظرون في خوف تطورات أبعد" .



هل ننفي مبدأ المؤامرة؟ وكيف نستفيد من وحي القرآن والسنة؟ 

ما ذكرته سابقاً لا يعني نفي مبدأ المؤامرة والكيد ، فذلك لا يقوله عاقل فضلاً عن أن يكون مؤمناً بالله والقرآن !. 

وجد الكيد مع الوجود البشري ، فكاد إبليسُ أبانا آدم عليه السلام حتى أخرجه من الجنة ، وكاد قابيلُ أخاه هابيل حتى قتله ، وهكذا تواجد الخصمان (الخير والشر) وتناسلا في كل زمان ومكان ﴿وَقُلۡنَا ٱهۡبِطُوا۟ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوࣱّۖ وَلَكُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ مُسۡتَقَرࣱّ وَمَتَـٰعٌ إِلَىٰ حِینࣲ﴾ [البقرة ٣٦] وقال الله لهما وللشيطان: انزلوا إلى الأرض، بعضكم أعداء بعض، ولكم في تلك الأرض استقرار وبقاء وتَمَتُّعٌ بما فيها من خيرات إلى أن تنتهي آجالكم، وتقوم الساعة. (المختصرفي التفسير) .

جزء من بشريتنا أن نخاف من كيد أهل الشر ومؤامراتهم ، وهذا الخوف يفيدنا إن كان متوازناً واقعياً ودافعاً للمقاومة الإيجابية ، أما إن كان مفرطاً أو متوهماً أو مشعراً بالإحباط والعجز عن المقاومة فهو ضار جداً بالفرد والمجتمع !.

من رحمة الله بنا كمسلمين وجود القرآن والسيرة النبوية ، ومن بركة الكتاب العزيز وفوائد دراسة السيرة :حفظ النفس من الاضطراب وقت الأزمات وتعويد المؤمن على إدارة المخاوف إدارةً متزنة .

ما هو الانطباع الذي يتركه قول الله تعالى عن إفساد اليهود ومكرهم (كُلَّمَاۤ أَوۡقَدُوا۟ نَارࣰا لِّلۡحَرۡبِ أَطۡفَأَهَا ٱللَّهُۚ وَیَسۡعَوۡنَ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَسَادࣰاۚ وَٱللَّهُ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِینَ) ؟ الله سبحانه لا يحب المفسدين ، و يكبت مكرهم وكيدهم ، ويطفئ نيران الفتن والحروب التي يشعلونها.

تأمل الآيات التي ذكرت المكر والكيد والمؤامرات ؛ كيف اختُتمت ؟ وما الرسالة التي تحملها ؟ وهل إثبات الكيد يكون بالظنون أم بالخبر المؤكد والدليل المحسوس ؟

 ﴿وَلَا یَحِیقُ ٱلۡمَكۡرُ ٱلسَّیِّئُ إِلَّا بِأَهۡلِهِۦۚ﴾ [فاطر ٤٣] 

 إنها سنة ربانية ، في كل زمان ومكان .


﴿فَٱنظُرۡ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ مَكۡرِهِمۡ﴾ [النمل ٥١]

هكذا يأمر القرآن ؛ النظر في عاقبة مكر السابقين ومآلات كيدهم ،  لأن النظر في العاقبة يحفظ على المؤمن توازنه وثقته بالله ، أما التركيز على تفاصيل الكيد وقوة أصحابه فيورث الجزع والارتباك. وكيد الأعداء اليوم لن يكون أشد من كيد أعداء الرسل والصالحين بالأمس !


﴿فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا﴾ 

أَيْ: عِنْدَ اللَّهِ جَزَاءُ مَكْرِهِمْ وَقِيلَ: إِنَّ اللَّهَ خَالِقُ مَكْرِهِمْ جَمِيعًا، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ، وَإِلَيْهِ النَّفْعُ وَالضُّرُّ، فَلَا يَضُرُّ مَكْرُ أَحَدٍ أَحَدًا إِلَّا بِإِذْنِهِ. (تفسير الإمام البغوي) .


﴿وَإِن تَصۡبِرُوا۟ وَتَتَّقُوا۟ لَا یَضُرُّكُمۡ كَیۡدُهُمۡ شَیۡـًٔاۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا یَعۡمَلُونَ مُحِیطࣱ﴾ [آل عمران ١٢٠].

 يُرْشِدُهُمْ تَعَالَى إِلَى السَّلَامَةِ مِنْ شَرِّ الْأَشْرَارِ وكَيْدِ الفُجّار، بِاسْتِعْمَالِ الصَّبْرِ وَالتَّقْوَى، وَالتَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ الَّذِي هُوَ مُحِيطٌ بِأَعْدَائِهِمْ، فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ لَهُمْ إِلَّا بِهِ، وَهُوَ الَّذِي مَا شَاءَ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. وَلَا يَقَعُ فِي الْوُجُودِ شَيْءٌ إِلَّا بِتَقْدِيرِهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ. (ابن كثير).

   

     ﴿وَجَاۤءَ رَجُلࣱ مِّنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِینَةِ یَسۡعَىٰ قَالَ یَـٰمُوسَىٰۤ إِنَّ ٱلۡمَلَأَ یَأۡتَمِرُونَ بِكَ لِیَقۡتُلُوكَ فَٱخۡرُجۡ إِنِّی لَكَ مِنَ ٱلنَّـٰصِحِینَ﴾ [القصص ٢٠] 

    هذا مؤمن آل فرعون ، اطلع بنفسه على مؤامرتهم لقتل موسى عليه السلام ، وليس مجرد توقع أو وهم ، فبادر مسرعاً لتحذير موسى ونصحه بالحل العملي وهو الخروج من البلدة ، فقبل موسى نصحه لأنه مصدر موثوق وأمين وبادر بالخروج .


لما انتهى خبر غدر بني قريظة أثناء غزوة الأحزاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى المسلمين بادر إلى التحقق منه، فبعث نفرا من الصحابة وقال: «انطلقوا حتى تنظروا أحق ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا ؟ فإن كان حقا فالحنوا لي لحنا أعرفه [أي استعملوا الرموز في الكلام ولا تصرحوا] ، ولا تفُتُّوا في أعضاد الناس[أي لا تتسببوا في إحباطهم وإضعاف عزائمهم] ، وإن كانوا على الوفاء فاجهروا به للناس» رجعوا بخبر الغدر، ومع محاولة إخفائه إلا أنه ظهر للناس فاشتد خوفهم، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقنع بثوبه، فاضطجع ومكث طويلا، حتى اشتد على الناس البلاء ، فنهض يقول: «الله أكبر، أبشروا يا معشر المسلمين بفتح الله ونصره» (الرحيق المختوم).

 نحن لا نحسن الظن في أعداء الإسلام والبشرية وعبدة المال والمصالح الشخصية .. والمؤمن الغيور حريص على دينه وهويته وأمته ، لكن الغيرة وحدها لا تكفي للحكم على الأحداث واتخاذ المواقف ، فالغرب والشرق ومؤسساتهما الثقافية والسياسية والصحية والاجتماعية هجين معقد ومشارب مختلفة تتعامل مع الناس عموما والمسلمين خصوصا بنظرات مختلفة ومتفاوتة ، والسيرة النبوية مليئة بحالات متفاوتة من مواقف الكفار وأهل الكتاب مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ؛ تخللها فترات حرب وكيد وغدر ، كما تخللها فترات سلم وصلح ووفاء ﴿۞ وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ مَنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِقِنطَارࣲ یُؤَدِّهِۦۤ إِلَیۡكَ وَمِنۡهُم مَّنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِدِینَارࣲ لَّا یُؤَدِّهِۦۤ إِلَیۡكَ إِلَّا مَا دُمۡتَ عَلَیۡهِ قَاۤىِٕمࣰاۗ﴾ [آل عمران ٧٥]  ، ﴿۞ لَیۡسُوا۟ سَوَاۤءࣰۗ﴾ [آل عمران ١١٣] ، ﴿لَّا یَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِینَ لَمۡ یُقَـٰتِلُوكُمۡ فِی ٱلدِّینِ وَلَمۡ یُخۡرِجُوكُم مِّن دِیَـٰرِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوۤا۟ إِلَیۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِینَ * إِنَّمَا یَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِینَ قَـٰتَلُوكُمۡ فِی ٱلدِّینِ وَأَخۡرَجُوكُم مِّن دِیَـٰرِكُمۡ وَظَـٰهَرُوا۟ عَلَىٰۤ إِخۡرَاجِكُمۡ أَن تَوَلَّوۡهُمۡۚ وَمَن یَتَوَلَّهُمۡ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ ﴾ [الممتحنة ] ومواقف النبي عليه الصلاة والسلام معهم في حالة كيدهم وغدرهم متفاوتة أيضاً بحسب الحال والقدرة ، فكان مأموراً بالصفح والصبر في مكة وأوائل عهده في المدينة ، ثم أُذن له بالسيف ، وأُعطي الخيار في الأسرى بالعفو عنهم دون مقابل أو بمقابل (المن أو الفداء) أو قتلهم حسب ما يراه الأصلح للإسلام والمسلمين ، وقاتل أقواماً وصالح آخرين مراعاة لذات المصلحة . 

والسؤال.. أيهما أكثر اتزانا وأقدر على العمل الإيجابي القاهر للنوايا المعادية لأهل الحق والخير؛ الذي يعمل تحت تأثير الآيات الكريمة واثقا موقنا أن الأمر أمر الله والخلق خلقه ولا يكون في الكون شيء إلا بإذنه وأنه محيط بكيد الكائدين وأنه ناصر دينه وأولياءه ، أم الذي يعمل وهو يشعر أن قوى الشر تسيطر على كل شيء  ؟!  

هذا إذا كان الكيد والتآمر واضحاً جلياً ، فما بالك إذا كان الأمر في حيز الشكوك والظنون ؟!


"والفتة أشد من القتل"

 أكبر جريمة ترتكبها الأنظمة الغربية في زماننا هذا هي فتنة شعوبهم وشعوب العالم عن الإسلام . 

يمنحون المسلمين ومؤسساتهم الدينية الكثير من الحرية والحقوق لكنهم :

يزينون العلمانية ؛ فيشوهون وجود الدين في ميادين الحياة ، حتى لو كان الدين هو الإسلام الحق !

يزينون الليبرالية ؛ فيكون الذي يعبد الله وحده ، والذي يعبد الصنم بوذا ، والذي يعبد الفئران ، والذي ينكر وجود الخالق سبحانه : كلهم سواء !

ينشرون الفسق والتعري والفواحش إعلامياً ويحمونها إذا وقعت بالتراضي ويحمون مرتكبيها ما داموا لا يتعدون على حرية الآخرين !  

يحمون حرية الإعلام والإنتاج السينمائي المسيء للإسلام ورسوله الكريم !

يحاولون جاهدين إقناع العالم عموماً أن الإيمان بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم مجرد اختيار شخصي وليس شرطاً لدخول الجنة !

يقدسون الإنسانية على حساب الألوهية والربوبية والتوحيد !

يكرسون "مركزية الدنيا" فالدنيا كل شيء ، ويسلخون العالم من "مركزية الآخرة" التي دعا الله الناس إليها !

يسمون دولهم "العالم الحر" و "الدول المتقدمة" ويضعون أنفسهم موضع القدوة الإلزامية للدول "النامية" في جوانب الأسرة والمرأة والطفل ! 


تلك الممارسات ليست اجتهادات فردية أو فرضيات مؤقته ، بل أيدولوجيات ودساتير وموضع اتفاق في المنظومة الثقافية للديموقراطية الغربية . 

﴿وَكَذَ ٰ⁠لِكَ جَعَلۡنَا فِی كُلِّ قَرۡیَةٍ أَكَـٰبِرَ مُجۡرِمِیهَا لِیَمۡكُرُوا۟ فِیهَاۖ وَمَا یَمۡكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمۡ وَمَا یَشۡعُرُونَ﴾ [الأنعام ١٢٣] ومثل ما حصل من أكابر المشركين في مكة من صدٍّ عن سبيل الله، جعلنا في كل قرية رؤساء وعظماء يعملون حيلهم وكيدهم في الدعوة إلى سبيل الشيطان ومحاربة الرسل وأتباعهم، والواقع أن مكرهم وكيدهم إنما يعود عليهم، ولكنهم لا يحسون بذلك لجهلهم واتباع أهوائهم. (المختصر في التفسير)

﴿وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لِلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَوۡ كَانَ خَیۡرࣰا مَّا سَبَقُونَاۤ إِلَیۡهِۚ وَإِذۡ لَمۡ یَهۡتَدُوا۟ بِهِۦ فَسَیَقُولُونَ هَـٰذَاۤ إِفۡكࣱ قَدِیمࣱ﴾ [الأحقاف ١١] وقال الذين كفروا بالقرآن وبما جاءهم به رسولهم للذين آمنوا: لو كان ما جاء به محمد حقًّا يهدي إلى الخير ما سبقنا إليه هؤلاء الفقراء والعبيد والضعفاء. ولأنهم لم يهتدوا بما جاءهم به رسولهم فسيقولون: هذا الذي جاءنا به كذب قديم، ونحن لا نتبع الكذب. (المختصر في التفسير) .

وهذا النوع من الكيد والمكر أوضح القرآن خطورته وأثره البالغ على الأتباع والجماهير: ﴿قَالَ نُوحٞ رَّبِّ إِنَّهُمۡ عَصَوۡنِي وَٱتَّبَعُواْ مَن لَّمۡ يَزِدۡهُ مَالُهُۥ وَوَلَدُهُۥٓ إِلَّا خَسَارٗا ٢١ وَمَكَرُواْ مَكۡرٗا كُبَّارٗا ٢٢ وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا ٢٣ وَقَدۡ أَضَلُّواْ كَثِيرٗاۖ ﴾ [نوح: 21-24]

قال نوح: ربِّ إن قومي بالغوا في عصياني وتكذيبي، واتبع الضعفاءُ منهم الرؤساءَ الضالين الذين لم تزدهم أموالهم وأولادهم إلا ضلالًا في الدنيا وعقابًا في الآخرة، ومكر رؤساء الضلال بتابعيهم من الضعفاء مكرًا عظيمًا، وقالوا لهم: لا تتركوا عبادة آلهتكم إلى عبادة الله وحده، التي يدعو إليها نوح، ولا تتركوا وَدًّا ولا سُواعًا ولا يغوث ويعوق ونَسْرًا، وهي أسماء أصنامهم التي كانوا يعبدونها من دون الله... وقد أضلَّ هؤلاء المتبوعون كثيرًا من الناس بما زيَّنوا لهم من طرق الغَواية والضلال. (التفسير الميسر)

﴿وَقَالَ ٱلَّذِینَ ٱسۡتُضۡعِفُوا۟ لِلَّذِینَ ٱسۡتَكۡبَرُوا۟ بَلۡ مَكۡرُ ٱلَّیۡلِ وَٱلنَّهَارِ إِذۡ تَأۡمُرُونَنَاۤ أَن نَّكۡفُرَ بِٱللَّهِ وَنَجۡعَلَ لَهُۥۤ أَندَادࣰاۚ وَأَسَرُّوا۟ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا۟ ٱلۡعَذَابَۚ وَجَعَلۡنَا ٱلۡأَغۡلَـٰلَ فِیۤ أَعۡنَاقِ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ۖ هَلۡ یُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ﴾ [سبأ ٣٣]

وقال المستضعفون لرؤسائهم في الضلال: بل تدبيركم الشر لنا في الليل والنهار هو الذي أوقعنا في التهلُكة، فكنتم تطلبون منا أن نكفر بالله، ونجعل له شركاء في العبادة، وأسرَّ كُلٌّ من الفريقين الحسرة حين رأوا العذاب الذي أُعدَّ لهم، وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا، لا يعاقَبون بهذا العقاب إلا بسبب كفرهم بالله وعملهم السيئات في الدنيا. وفي الآية تحذير شديد من متابعة دعاة الضلال وأئمة الطغيان. (التفسير الميسر)

ومع ذلك يبقى الإسلام أسرع الأديان انتشاراً لأنه الدين الحق الذي ارتضاه الله وتكفل بحفظه وحمايته ، ولأنه دين الفطرة الذي ينسجم مع حاجات البشر النفسية والروحية والاجتماعية والمالية والصحية ، ولأن معجزته الأولى (القرآن الكريم) لم تكن مرتهنة بزمن النبوة كما هو حال معجزات الأنبياء السابقين ؛ بل بقيت محفوظة بحفظ الله على مدار التاريخ لتدمغ الباطل الشيوعي في موسكو والباطل الليبرالي في باريس . تشير بعض الدراسات إلى أن ترجمات القرآن الكريم هي السبب الأول في إسلام الغربيين !  

قال صلى الله عليه وسلم : ما من الأنبياء من نبيٍّ ، إلا و قد أُعطَى من الآيات ما مِثلُه آمنَ عليه البشرُ ، و إنما كان الذي أُوتيتُه وحيًا أوحاه اللهُ إليَّ ، فأرجو أن أكون أكثرَهم تابعًا يومَ القيامةِ . رواه البخاري ومسلم .



يعتقد بعض ناشري رسائل المؤامرة أنهم يفضحون الأعداء والمجرمين، وقد فاتهم أمران ؛ 

الأول :التثبت من محتوى الرسالة ، لأن تصديقها بدون برهان وتثبت لا ينتج عنه اتهام الأعداء فحسب ! بل ستطال التهمة إخوانهم المختصين في الأوبئة والمسئولين في بلدانهم ، وهو أمر متوقع إذا بالغ المرء في تصديق فكرة المؤامرة، وعندما يتهمون إخوانهم في بلدانهم بأنهم جزء من المؤامرة أو يتهمونهم بالتغفيل والجهل المركب فقد فاتهم أن إخوانهم ليسوا أقل منهم ورعاً وتقوى ، إنما الفرق هو التخصص ، فأصحاب دعوى المؤامرة ليسوا مختصين في الأوبئة   ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِن جَاۤءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإࣲ فَتَبَیَّنُوۤا۟ أَن تُصِیبُوا۟ قَوۡمَۢا بِجَهَـٰلَةࣲ فَتُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَـٰدِمِینَ﴾ [الحجرات ٦] 

 الثاني: التأكد من فائدة نشرها لعموم الناس ، فقد يكون ضرر النشر أكبر، والأولى هو مدارسة الأمر مع أهل الرأي والحل والعقد، "یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ قَدۡ جَاۤءَكُمۡ رَسُولُنَا یُبَیِّنُ لَكُمۡ كَثِیرࣰا مِّمَّا كُنتُمۡ تُخۡفُونَ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَیَعۡفُوا۟ عَن كَثِیرࣲۚ " أَيْ: يُبَيِّنُ مَا بَدَّلُوهُ وَحَرَّفُوهُ وَأَوَّلُوهُ، وَافْتَرَوْا عَلَى اللَّهِ فِيهِ، وَيَسْكُتُ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا غَيَّرُوهُ وَلَا فَائِدَةَ فِي بَيَانِهِ. (تفسير ابن كثير)، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم سكت عن فضح أهل الكتاب في بعض ما حرفوه لعدم الفائدة في بيانه، فما بالك إذا كانت فضيحة المؤامرة الوبائية لا دليل عليها، ونشرها يزيد من الخوف والهلع في صفوف المجتمع المسلم؟.

 

فكرة المؤامرة والإحباط

المتأثرون نفسيا وفكريا بفكرة المؤامرة يقعون فريسة للشعور بالعجز أو الاندفاع والمجازفة ، وهما وجهان لعملة الإحباط ؛ الشعور بالعجز لأنهم يرون كل ما حولهم تحت تدبير خصومهم ، وترى عجزهم عند انتشار الوباء عن تقديم النصائح العملية والمشاركة الإيجابية ، وبالمقابل قد يظهر الإحباط في شكل فكري أو عاطفي مندفع ؛ فيميلون لازدراء الجهود الميدانية والفتاوى الشرعية التي تتعامل مع الوباء بشكل واقعي ، بل قد يصل بهم الأمر لإصدار أحكام خطيرة على مخالفيهم  كالنفاق والعمالة !، وإذا كانوا يعتقدون أنهم أكثر فطنة وحصافة فالاحتمال الآخر أنهم ساروا (وهم لا يشعرون) على طريقة "المذيعين“ للأمن والخوف دون مدارسة المختصين ومشاورة أهل الحل والعقد ﴿وَإِذَا جَاۤءَهُمۡ أَمۡرࣱ مِّنَ ٱلۡأَمۡنِ أَوِ ٱلۡخَوۡفِ أَذَاعُوا۟ بِهِۦۖ وَلَوۡ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰۤ أُو۟لِی ٱلۡأَمۡرِ مِنۡهُمۡ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِینَ یَسۡتَنۢبِطُونَهُۥ مِنۡهُمۡۗ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَٱتَّبَعۡتُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنَ إِلَّا قَلِیلࣰا﴾ [النساء ٨٣]


 

الشعور بالمؤامرة (مع عدم ثبوتها) عاشه الصحابة رضي الله عنهم ، لكنهم لم يستسلموا له ولم يصروا عليه

روى البخاري عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قصة حملها وولادتها بعبدالله بن الزبير ، وجاء في الحديث : " وَكَانَ أَوَّلَ مَوْلُودٍ وُلِدَ فِي الإِسْلاَمِ، فَفَرِحُوا بِهِ فَرَحًا شَدِيدًا، لأَنَّهُمْ قِيلَ لَهُمْ: إِنَّ الْيَهُودَ قَدْ سَحَرَتْكُمْ فَلاَ يُولَدُ لَكُمْ." قال القسطلاني في شرحه : وفي طبقات ابن سعد أنه لما قدم المهاجرون المدينة ، أقاموا لا يولد لهم ، فقالوا: سحرتنا يهود ، حتى كثرت في ذلك المقالة ، فكان أول مولود بعد الهجرة عبد الله بن الزبير فكبّر المسلمون تكبيرة واحدة حتى ارتجت المدينة تكبيرًا. انتهى . وقال الأمير الصنعاني في فوائد الحديث "شرعية الفرح برد المقالة الكاذبة وإبطال ما قيل " (التحبير لإيضاح معاني التيسير) .

فإذا ظهر لأهل الاختصاص تلقائية الحدث وكونه طبيعيا، فليس من الحكمة أن نصر على فكرة المؤامرة ونستمر في تهويل قوة أهل الشر .



 ملخص عناصر نجاح المثقف المسلم في فهم الأزمات الوبائية ومعرفة أسبابها وكيفية التعامل معها :

  •  قراءة القرآن الكريم بمزيد من التدبر في عرضه للسنن الإلهية في الكون وتاريخ البشرية والابتلاء والصراع بين الحق والباطل ، وتأمل الآيات التي حكت الكيد والمكر كيف اختتمت وما هي الرسالة التي تضمنتها .
  • دراسة السيرة النبوية بعهديها المكي والمدني ، ودراسة البحوث المعاصرة حول "فقه الاستضعاف". 
  • الوقوف بكل ثقة في موقف الفاعل المؤثر بنشر العقيدة والأخلاق الإسلامية الأجدر بالبقاء والأصلح للبشرية سواء على مستوى العمل المؤسسي الممنهج، أو المبادرات الفردية من أصحاب العلم والخبرة. 
  • الرجوع للمختصين ، كل في فنه ، لتقييم الأحداث واتخاذ المواقف.
  • إحسان الظن في الفقهاء واحترام فتاواهم التي تتفق عليها مؤسسات الفتوى حال الأزمات.
  • إحسان الظن في المؤسسات العاملة في الميدان والتعاون معها لمن رغب وقدر ، أو على الأقل الكف عن التشكيك فيها وتخوينها . 
  • الحفاظ على وحدة الصف.
  • العمل الإيجابي ونفع الناس ونشر الثقة بالله والتفاؤل . 
  • الرجوع للمثقفين والدعاة المتواجدين في دول الغرب والشرق لمعرفة هجين تلك الدول وشعوبها ومؤسساتها .  
  • حفظ اللسان والقلم عما ليس للإنسان به علم ﴿وَلَا تَقۡفُ مَا لَیۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ إِنَّ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡبَصَرَ وَٱلۡفُؤَادَ كُلُّ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ كَانَ عَنۡهُ مَسۡـُٔولࣰا﴾ [الإسراء ٣٦]  ولا تتبع - يا ابن آدم - ما لا علم لك به، فتتبع الظنون والحدس، إن الإنسان مسؤول عما استخدم فيه سمعه وبصره وفؤاده من خير أو شر، فيثاب على الخير، ويعاقب على الشر. (المختصر في التفسير) .
  • التقليل قدر المستطاع من المتابعة الجادة لتفاصيل الأخبار والتحليلات السياسية والفكرية ، والاكتفاء بملخص واحد لحصاد اليوم أو الأسبوع من مصدر حيادي موثوق.  

أضرار تصديق فكرة المؤامرة في الأوبئة مع أنّ أهل الاختصاص يرون أنه قدر طبيعي :

·       نقص كمال توحيد الربوبية في القلب ، بنسبة الأحداث الكبار للبشر والاعتقاد بنفاذ مشيئتهم، والغفلة عن كمال إحاطة الله سبحانه بالبشر والكون. 

·      فوات فرصة التفكر والاتعاظ بآية الوباء والانشغال بجدلية المؤامرة التي لا تورث إلا قسوة القلب واحتشائه بالضغائن والخلاف. 

إهمال الأسباب المشروعة للوقاية كاللقاحات

·      التشكيك في المسئولين واحتقار الجهود الميدانية

·      ازدراء الفتاوى الفقهية إذا لم تنسجم مع فكرة المؤامرة

·      استدامة القلق النفسي والإحباط ونشره في الناس

·      العجز عن العمل الإيجابي وتراجع الإنتاجية

 


من أجل مستقبلٍ أفضل بإذن الله !


قيل: انتشر الوباء!

قال : إنا لله وإنا إليه راجعون.. ﴿وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَیۡءࣲ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصࣲ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَ ٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَ ٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّـٰبِرِینَ * ٱلَّذِینَ إِذَاۤ أَصَـٰبَتۡهُم مُّصِیبَةࣱ قَالُوۤا۟ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّاۤ إِلَیۡهِ رَ ٰجِعُونَ * أُو۟لَـٰۤىِٕكَ عَلَیۡهِمۡ صَلَوَ ٰتࣱ مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَةࣱۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ﴾ .

قيل: قد يكون الأمر مصطنعا أو حقيقيا، خفيفا أو شديدا، تأثيره صحي فقط أو اقتصادي أيضاً !

قال : اسألوا أهل الاختصاص ممن نثق برأيهم وسيروا على توجيهاتهم متوكلين على الله واثقين به ، لا تنفردوا عن رأي الجماعة ، تناسوا الخلافات ، التفتوا للضعفاء ، بشروا ولا تنفروا ، أكثروا الاستغفار واصدقوا التوبة ..﴿ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِذَا لَقِیتُمۡ فِئَةࣰ فَٱثۡبُتُوا۟ وَٱذۡكُرُوا۟ ٱللَّهَ كَثِیرࣰا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ * وَأَطِیعُوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَـٰزَعُوا۟ فَتَفۡشَلُوا۟ وَتَذۡهَبَ رِیحُكُمۡۖ وَٱصۡبِرُوۤا۟ۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِینَ   

قيل: ماذا لو كان مؤامرةً للإضرار بنا !

قال : مشيئة الله فوق مشيئتهم ، لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، إن تحقق ما أرادوه فقد أذن الله به استدراجا لهم وتطهيراً لنا، وإن حفظنا الله ونجانا فذلك فضله ورحمته ، وفي كل الأحوال سينقلب كيدهم عليهم حسرة وندامة. ﴿قُل لَّن یُصِیبَنَاۤ إِلَّا مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوۡلَىٰنَاۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡیَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ﴾ التوبة ٥١، ﴿وَمَاۤ أَصَـٰبَكُمۡ یَوۡمَ ٱلۡتَقَى ٱلۡجَمۡعَانِ فَبِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَلِیَعۡلَمَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ آل عمران ١٦٦، وما حدث لكم من القَتْل والجِراح والهزيمة يوم أُحد حين التقى جمعكم وجَمْعُ المشركين، فهو بإذن الله وقدره، لحكمة بالغة حتى يظهر المؤمنون الصادقون. (المختصر في التفسير)، ﴿وَلَا یَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَنَّمَا نُمۡلِی لَهُمۡ خَیۡرࣱ لِّأَنفُسِهِمۡۚ إِنَّمَا نُمۡلِی لَهُمۡ لِیَزۡدَادُوۤا۟ إِثۡمࣰاۖ وَلَهُمۡ عَذَابࣱ مُّهِینࣱ﴾ آل عمران ١٧٨، فالله تعالى يملي للظالم، حتى يزداد طغيانه، ويترادف كفرانه، حتى إذا أخذه ؛ أخذه أخذ عزيز مقتدر، فليحذر الظالمون من الإمهال، ولا يظنوا أن يفوتوا الكبير المتعال. (تفسير السعدي). 

قيل: زال الوباء !

قال : الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، من اعترف بالفضل لله وشكره بلسانه وجوارحه بالأعمال الصالحة فإن نعمة الله عليه بالتوفيق للشكر أعظم من نعمة سلامته من الوباء، ومن نسب الفضل لنفسه وجهده وارتكس في الذنوب والمعاصي فمصيبته أعظم من مصيبة الوباء..

﴿۞ أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِینَ خَرَجُوا۟ مِن دِیَـٰرِهِمۡ وَهُمۡ أُلُوفٌ حَذَرَ ٱلۡمَوۡتِ فَقَالَ لَهُمُ ٱللَّهُ مُوتُوا۟ ثُمَّ أَحۡیَـٰهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَشۡكُرُونَ﴾ [البقرة ٢٤٣] ألم تعلم -أيها الرسول- قصة الذين فرُّوا من أرضهم ومنازلهم، وهم ألوف كثيرة؛ خشية الموت من الطاعون أو القتال، فقال لهم الله: موتوا، فماتوا دفعة واحدة عقوبة على فرارهم من قدر الله، ثم أحياهم الله تعالى بعد مدة؛ ليستوفوا آجالهم، وليتعظوا ويتوبوا؟ إن الله لذو فضل عظيم على الناس بنعمه الكثيرة، ولكن أكثر الناس لا يشكرون فضل الله عليهم. (التفسير الميسر) . النجاة من الوباء مثل الحياة بعد الموت ؛ فرصة للشكر والتزود بالخيرات ، ولكن القليل من الناس من ينتبه ويتعظ .

 ﴿فَلَمَّاۤ أَنجَىٰهُمۡ إِذَا هُمۡ یَبۡغُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِ بِغَیۡرِ ٱلۡحَقِّۗ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغۡیُكُمۡ عَلَىٰۤ أَنفُسِكُمۖ مَّتَـٰعَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ ثُمَّ إِلَیۡنَا مَرۡجِعُكُمۡ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾ يونس ٢٣، فلما استجاب دعاءهم، وأنقذهم من تلك المحنة، إذا هم يفسدون في الأرض بارتكاب الكفر والمعاصي والآثام. أفيقوا - أيها الناس - إنما عاقبة بَغْيِكم السيئة على أنفسكم، فالله لا يضره بَغْيُكُم، تتمتعون به في الحياة الدنيا وهي فانية، ثم إلينا رجوعكم يوم القيامة ، فنخبركم بما كنتم تعملون من المعاصي، ونجازيكم عليها. (المختصر في التفسير)

 

 اللهم اهدنا وسددنا ، وعافنا واعف عنا

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

السبت ، 23 رمضان، 1441

تمت مراجعته أكثر من مرة 

تعليقات

  1. ماشاء الله.. استقصاء لكل ما يدور عليه موضوع كورونا ضمن أبعاده الشرعية والطبية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية .. يتيسر به للقارئ فهم هذه النازلة ومعرفة الطريقة الصحيحة بحول الله للتعامل معها .

    ردحذف
  2. ماشاء الله تبارك الله
    بوركت د. أحمد
    استقصاء تاريخي ، طبي ، شرعي ، سياسي ، إعلامي
    لنظرية المؤامرة .. أقترح أن يطبع في كتاب

    ردحذف
    الردود
    1. وبوركتم.. شكر الله لكم، المدونة وقف علمي، من أراد النشر بأي شكل فله ذلك

      حذف
  3. رائع د.أحمد أقترح أن يطبع في كتاب

    ردحذف
  4. ۞ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82) المائدة.

    ردحذف
    الردود
    1. صدقت، وأحسنت بالرجوع للقرآن
      وهذا دواء قرآني لعداوتهم :
      ﴿لَن یَضُرُّوكُمۡ إِلَّاۤ أَذࣰىۖ وَإِن یُقَـٰتِلُوكُمۡ یُوَلُّوكُمُ ٱلۡأَدۡبَارَ ثُمَّ لَا یُنصَرُونَ﴾ [آل عمران ١١١]
      ومهما كان منهم من عداوة فلن يضروكم - أيها المؤمنون - في دينكم ولا في أنفسكم إلا أذى بألسنتهم، من الطعن في الدين، والاستهزاء بكم ونحو ذلك، وإن قاتلوكم يَفِرُّوا منهزمين أمامكم، ولا يُنْصَرون عليكم أبدًا.(المختصر في التفسير)

      والذي يعتقد أن وباء كورونا الحالي مؤامرة يهودية على المسلمين لم ينتبه أن الوباء ظهر في الصين وأكثر ضحاياه في أوروبا وأمريكا. مهم فهم الأحداث قبل تنزيل الآيات عليها.

      حذف
  5. ما شاء الله تبارك الله

    ردحذف
  6. ماشاء الله.. تبارك الله.. 🍀
    وفقك الله وجزاك الله خيراً فضيلة الدكتور/ أحمد العمر.
    لا فض فوك..

    ردحذف
  7. نظرة منطقية وشمولية للحدث شكرا د احمد

    ردحذف
  8. مقال موفق ومبارك
    أسأل الله أن ينفع به

    ردحذف
  9. هناك فيديوهات لأشخاص مثقفون عرب واجانب يزعمون بأن كورونا هو جزء من مخطط عالمي شيطاني وأن اللقاح سيكون بوضع شريحة صغيرة في جسم الإنسان للتحكم به فماهو ردكم مشكورين

    ردحذف
    الردود
    1. دكتور الله يحفظك من لا يؤمن دوماً أنه لايوجد للمؤامرة مكان في حياة البشر عليه مراجعة نفسة فهي موجودة في النفس البشرية، إقرأ من تاريخ هابيل وقابيل حتى عصرنا الحديث
      إقرأ عن مخططات اليهود الصهاينة منذ مئات السنين وتعرف أكثر على الاسر اليهودية في امريكا المتحكمة في المال والسياسة و... و..
      شكرا لك

      حذف
    2. صدقت، المؤامرة جزء من الوجود البشري، والذي ينكر المبدأ تماما لم يقرأ القرآن فضلا عن التاريخ،
      ولو أمضينا المزيد من الوقت مع القرآن الكريم كيف تناول مؤامرات أعداء الرسل والمؤمنين وكيف عالجها.. (مرة أخرى) وكيف عالجها.. (مرة ثالثة) ..وكيف عالجها لتحسنت قدرتنا بإذن الله على التعامل مع المؤامرات المعاصرة في نطاق قدراتنا وإمكاناتنا.
      لن تصنع العوائل اليهودية في أمريكا أكثر مما صنعه بنو النضير وبنو قريضة مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، إذا لم يسعفك الوقت لقراءة تفسير القرآن الكريم كاملاً متدبرا مواضع الكيد والمكر وكيف عالجها القرآن فاستخدم موقع (الباحث القرآني) مثلا وضع كلمة كيد / مكر واقرأ تفسيرا مختصرا ثم متوسطا لجميع الآيات

      أشكرك على قراءة المقال والتعليق
      حفظك الله ورعاك

      حذف
    3. حياك الله وبياك
      أفكار أنصار نظرية المؤامرة لاتنتهي عند حد، ببساطة نطالبهم بالدليل العلمي
      وبعض أفكاره شديدة الغرابة كالتي ذكرتها.وقد نشروا مثل هذه الغرائب في أوبئة سابقة، ومن صدقهم صار من أكثر الناس معاناة من الضغط النفسي في فترة الوباء،
      أما الذي يقتنع أن مشيئتهم نافذة وأن مؤامرتهم ستتحقق كيفما أرادوا، فليراجع إيمانه بالله خالقا ومدبرا للكون

      حذف
  10. جزاك الله خيرا وبارك في علمك، واضيف ان اهل المصالح دولا كانت او أفرادا، استغلوا هذا الوباء في دعم مواقفهم ومصالحهم الدولية او الشخصية

    ردحذف
    الردود
    1. وإياكم
      صحيح، الكثير استخدمه لمصالحهم
      هنيئا لمن استخدمه لخدمة دينه

      حذف
  11. ما شاء الله تبارك الله.. هذا ليس مقالا بل ورقة علمية مكانها النشر في المجلات العلمية المتخصصة.. قد جمعت الأمر من أطرافه فما ابقيت.. قد زدت المطمئن يقينا وأعطيت المرتاب أمانا.. وقد ارحتنا من عناء المجادلات في هذا الأمر.
    جزاك الله خيرا وزادك علما وفضلا ورزقا وسعادة..

    ردحذف
    الردود
    1. بارك الله لنا ولكم وشملنا وإياكم بواسع رحمته وفضله

      حذف
  12. الله يعطيك العافيه..مقال رائع وشامل..

    ردحذف
  13. السلام عليكم... اجتهاد راءئع لتفسير ما يدفع الناس للاخذ براي المؤامرة في كورونا... ولكن يبقى اسس علمية لا بد أن تأخذ وقتها حتى نحكم شكر يا دكتور

    ردحذف
    الردود
    1. عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      أحسنت.. الدراسة المنهجية المتخصصة للمعطيات العلمية هي الفيصل
      زادك الله فضلا وعلما

      حذف
  14. هذه ورقة علمية مهمه جدا جدا وجهد رائع اسأل الله ان يزيد كاتبه علما وعملا وتقا و زهدا وورعا يدخله الجنة من الأبواب الثمانية يارب استجب دعائي له واسأل الله يصلح له نيته وذريته فقد أجاد وأفاد وفقه الله
    يحيى محمد الرافعي أبها

    ردحذف
    الردود
    1. حياك الله وجزاك خيرا أخي يحي على مشاعرك ودعواتك الطيبة، ولك بمثل

      حذف
  15. الردود
    1. منقول بقلم أبو عبدالله المشرف :

      [كورونا ونظرية المؤامرة]

      الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
      فقد كثر الحديث عن نظرية المؤامرة وذلك مع انتشار وباء كورونا في العالم قاطبة فما هي نظرية المؤامرة؟
      وهل هي حقيقية أم مجرد أوهام ومبالغات؟
      بدايةً.. ينبغي أن نشير إلى أن الحديث عن نظرية المؤامرة ليس جديداً بل هو حديث قديم وقد تم تأليف عشرات الكتب عنها.. ومن هذه الكتب على سبيل المثال لا الحصر
      ما يلي :
      ١)بروتوكولات حكماء صهيون.
      ٢)أحجار على رقعة الشطرنج - ويليام غاي كار.
      ٣)كتاب لعبة الأمم - مايلز كوبلاند.
      ٤)شفرة دافنشي - دان براون.
      ٥)مؤامرة 9/11.
      كما ينبغي تحرير المصطلح قبل مناقشة هذا الأمر.. فكلمة "نظرية" تعني معلومة معينة تم إثباتها بالبرهان المنطقي الرياضي أو بالبرهان التجريبي المشاهد، أما كلمة "فرضية" فتعني معلومة معينة تم طرحها استناداً لمشاهدات تشير إلى هذه المعلومة ولكن هذه المشاهدات لا تعتبر اثباتا أو برهاناً لتلك المعلومة، وبالمثال يتضح المقال فنظرية دارون لا يوجد لها برهان منطقي ولا تجريبي، ولذا فهي "فرضية" لا "نظرية".
      وبناءً على ماسبق فإن أنصار "فرضية المؤامرة" يرون أن العالم يديره ثلة من البشر يبالغ بعضهم حتى يزعم أن العالم يديره سبعة من اليهود، أي أن سبعة أشخاص يديرون ويتحكمون بثمانية مليارات إنسان‼️
      وطائفة أخرى يقولون إن الذي يدير العالم هم الجماعة الماسونية ويسمون "بالبنائين الاحرار" وكل طائفة أو محلل يدعي انه هو الذي وصل الى كبد الحقيقة، فعلى سبيل المثال في كتاب احجار على رقعة الشطرنج يرى المؤلف أن اليهود يديرون العالم ويصنعون أحداثه فكل الأحداث الكبرى صنعها اليهود كالثورة الفرنسية، والثورة البلشفية الروسية، والحرب العالمية الأولى والثانية وهكذا..كل هذه الأحداث الجسام في التاريخ هي من صنع اليهود وتحت تخطيطهم ونظرهم، وكأنهم بلسان الحال يقولون انما أمر اليهود اذا أرادوا شيئا أن يقولوا له كن فيكون، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، لكن هذا واقع الحال!
      ولكن فرضية المؤامرة بهذه الصفة المبالغ فيها، تخالف
      النقل الصحيح والعقل الصريح!
      فقد أوضح الله لنا في القرآن الكريم عبر آيات كثيرة، أن الأمور بيد الله يصرفها كيف يشاء، كما في قوله جل وعلا (وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير)، وغيرها من الآيات والأحاديث النبوية.
      وهذا لا يعني عدم وجود مخططات لحرب المسلمين، بل هي موجودة، ولا ينكر عاقل أن هناك كثيرين يخططون في الشرق والغرب، وأن هناك جمعيات سرية وغير سرية سواء على مستوى الأديان او مستوى الدول تخطط للقضاء على الإسلام وإبادة المسلمين... لكن ليس كل ما يريدون يحصل لأسباب عديدة، وعلى سبيل المثال فإنهم قد يقدرون تقديرات تكون خاطئة أصلاً هذا أولاً،
      و ثانياً: قد يقدرون تقديرات صحيحة وفق الواقع الذي رصدوه خلال عشر سنوات أو خمسين سنة ثم يأتي الله بأحداث تقلب معاييرهم وموازينهم تماماً فتفشل خططهم.
      ثالثاً: قد يضعون خططاً ويتفقون مع شركاء لهم ثم يختلف هؤلاء الشركاء كما يحصل كثيراً ويتنازعون فيما بينهم.
      رابعاً : قد لا يتنازعون هم ولكن قد تأتي قوة غير متوقعة تدخل على الخط وتفسد مخططاتهم!
      الى غير ذلك من الأسباب التي يقدرها الله سبحانه وتعالى، وبالتالي تفشل مخططات هؤلاء الأقوام خصوصاً اليهود، وسنة التدافع معروفة قال تعالى (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض ..) الآية، والله قد ضرب على اليهود الذلة والمسكنة كما قال تعالى (ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءو بغضب من الله)، والكفار عموماً لا يتوقفون أبداً عن قتال المسلمين والكيد لهم والمكر الكبار كما قال تعالى (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا )، وقصص الأنبياء كلها تبين مكرهم ولكن(ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)، فمثلاً أرادوا المكر بنبي الله نوح عليه السلام فأتاهم الله بالطوفان ، ومثل ما فعلوا بموسى وعيسى، وآخرهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد سعوا لقتله بخطة محكمة، ولكن الله أفشل مخططهم ثم افناهم وقتلهم في غزوة بدر وما بعدها ، والآيات كثيرة في هذا الباب .

      ونحن نعرف ان العالم يستحيل أن يديره فئة من الناس لعالم فيه المليارات من البشر.
      ومن عجائب بعض مناصري فرضية المؤامرة قولهم إن تفجيرات 11 سبتمبر تمت بتدبير أمريكا نفسها حتى تجعل ذلك ذريعة لضرب الإسلام والمسلمين‼️
      عجباً والله.. وهل أمريكا بحاجة الى ذريعة لفعل ذلك!
      أمريكا تقتل المسلمين ومعها أوروبا من مئات السنين بدون أي ذريعة!
      فهل يعقل أن تضر أمريكا نفسها من أجل إيجاد ذريعة لغزو المسلمين..هذا مستبعد جداً‼️
      .. يتبع

      حذف
    2. تابع..
      ومن المؤسف حقاً أن فرضية (نظرية) المؤامرة بهذه الصفة المبالغ فيها تخدم من يتهمونهم بإدارة العالم سواءً كانوا اليهود أو النصارى أو الدول العظمى.. نعم هذه الفرضية تخدمهم وتقدم لهم هدية لا تقدر بثمن لأن فحوى هذه الفرضية أن العالم بأيديهم يديرونه كيفما شاؤا وأرادوا ولا راد لمشيئتهم ، (سواء أمريكا او اليهود او العصابات السرية)، فنقول نحن المسلمين حينئذٍ ليس بأيدينا شيء .. كل شيء بأيديهم نحن مجرد ذرة يديرها هؤلاء كما تدير الرياح الريشة في الهواء‼️ فنصاب بالقنوط واليأس والاستسلام التام لهم، وهذا ما يريدونه ويسعون إليه. بينما الصحيح أنهم عبيدُ ضعفاء يحصل كثير من الأحداث دون علمهم، ويقع ما ليس في حسبانهم، كما قال تعالى ( فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا )، وقال ( وما يعلم جنود ربك إلا هو ).
      ومرض كورونا نموذج مثالي لما نحن فيه، فهو وباء من الله لم يتوقعوه أبداً، ورغم ذلك فقد قال بعض أنصار نظرية المؤامرة هذا الفيروس صنعه الأمريكان من أجل تربيح شركات الدواء الأمريكية بضع مليارات من الدولارات ‼️
      ومن أطرف ما سمعت كلام صحفية كويتية تجزم بمنتهى الثقة بأن كورونا وباء صنعته أمريكا وزرعته في قلب الصين للقضاء عليها ولكن الصين العظيمة -كما تقول- قلبت الطاولة على أمريكا وقهرت كورونا...الخ ثم تقرر بمنتهى الثقة أن أمريكا كقوة عظمى ستفقد زعامتها في شهر مايو الحالي.. نعم شر البلية ما يضحك ‼️
      الآن خسائر العالم من كورونا قُدرت بخمسة تريليونات دولار يعني قرابة 19 تريليون ريال، وأمريكا رصدت اثنين تريليون دولار لمعالجة الآثار السلبية لفيروس كورونا وهذه أعظم ميزانية تخصص لمواجهة كارثة في تاريخ أمريكا كله، وهي أكبر من ميزانية الكساد العظيم عام 1933م.
      حاليا كل متع الكفار المعروفة مثل المسارح والسينما والمراقص وبيوت الدعارة وجميع الألعاب الرياضية والسياحة والمنتزهات وموائد القمار، كل هذه النشاطات الآن معطلة وإجمالي خسائرهم بالتريليونات ‼️
      ومن المضحك أن بيوت الدعارة في هولندا يُقدر دخلها السنوي بعشرة مليارات دولار، والآن أُغلقت بسبب كورونا ، أما صناعة الطيران فإنه لم يعهد في التاريخ أن تبقى 90% من الطائرات على الأرض! وهناك شركات رأسمالية ضخمه أفلست ‼️
      وهذا يؤكد أن كورونا جندي من جنود الله سلطه الله على البشرية.. فهو للمؤمنين تكفير وتطهير وتذكير، وهو للكافرين والمنافقين عار وشنار ودمار.. نعم لقد أتاهم الله من حيث لم يحتسبوا ، وخلط كل حساباتهم ، وفي هذا عبرة وعظة لنا جميعا لعلنا نتوب ونؤب، أما الكافرون والمنافقون فهم في غيهم يعمهون ‼️
      قال تعالى (أفلا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون).
      وختاماً أود التأكيد على ما ذكرته آنفاً، وهو أن مؤامرات الكفار على الإسلام والمسلمين قائمة على قدم وساق منذ بداية الصراع بين ابينا آدم وزعيم الكفر إبليس، وإلى يومنا هذا، وحتى قيام الساعة!
      قال تعالى (وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال) وأحياناً تنجح مؤامراتهم مع الأسف، كما حصل في مؤامرة (سايكس- بيكو) الشهيرة والتي انتهت بتقسيم العالم الإسلامي الكبير إلى دويلات صغيرة
      لا حول لها ولا قوة، بل أصبحت مطية مذللة للدول الكافرة لنهب ثروات المسلمين مع فتنتهم في دينهم والله المستعان وإليه المشتكى!
      كتبه/أبو عبدالله المشرف

      حذف
  16. طرح هام يجب نشره على اوسع نطاق
    ابوعبدالرحمن طرح القبول لتسجيلك الصوتي وانت مطالب بالاستمرار
    ماااحب اضافته هو تكالب دول الكفر على المسلمين وافتضاحهم بألسنتهم بسبب سهولة انتشار المعلومه جعل هذا من اهم اسباب الاعتقاد بالمؤامره

    ردحذف
  17. كان عندي اعتقاد بنسبة ٣٠% بنظرية المؤامرة ، بعد قرائتي لمقالك الطويل الجامع اظنها انخفضت إلى ٥% 😅
    لكن مازال عندي اعتقاد آخر يصل ل٧٠% من نظرية "المتكسبون من البلاء" وأنهم كلما كادت ناره تنطفيء اشعلوها وكلما تبادر العلاج عطلوه..لأنهم يستفيدون..
    لانعرف بالضبط من المستفيد ونحن نرى تهاوي اقتصاديات العالم، لكن بالأمس مثلا علمت أن صاحب امازون يقترب من لقب تريليونير العالم لأول مرة في التاريخ!!
    يعني استفاداته خرافية..
    هذا مثال واحد وليس بالضرورة انه احد أصحاب التكسب في البلاء..لكني وب٧٠% اتوقع وجود آخرين يتكسبون!

    شكرا لمقالك الرائع د.أحمد

    ردحذف
    الردود
    1. النسبة لا تهم بقدر ما يهمنا أسلوب التوظيف والعلاج.. طموحنا أن يعمل الجميع متعاونين لصالح أنفسهم وبلادههم
      التكسب من البلاء حاصل فعلا حتى على مستوى بائعي البيض والبصل! أما إدراجه كسبب في تأخير العلاج واللقاح فيحتاج إلى دليل.
      جزيت خيرا على تعليقك ولطفك

      حذف
  18. لا نشك في وجود الفايروس
    ولكن المؤامرة تكمن في الاجراءات المتخذه حياله بمبالغة فجة...
    نتذكر بداية انتشارة واظهارة بالمرض القاسي المميت وبمناظر الاشخاص يتساقطون في الشوارع وعند المحلات واستمر هذا الوضع قبل انتشارة حتى تمكن الخوف من البشر..
    ثم بدأت التحذيرات من سرعة انتشاره كالنار في الهشيم...وعطلوا البشرية وقتلوا اقتصادة ونشروا ارقام مخيفة باعداد المصابين والموتى وباعدوا بين البشر وقطعوا صلات الناس مع احباؤهم واهاليهم وبثوا الرعب...وفقد الكثير لمصادر دخلهم وملايين فقدوا وظائفهم...وفرضت الدول الظرائب وقلصت المشروعات
    والمفارقة ان مصدر الفايروس عادوا لحياتهم الطبيعية ،وعندما نقول كيف ذلك اعزوة الى شدة الاجراءات وصرامتها..واللتي مهما بلغت لن تكبح فيروس لم يوجد له علاج او لقاح
    اننا نرى الان نتائج الهلع وكوارثه اللتي افرزتها الحكومات ولا زلنا ننتظر القادم وما يخبئ
    يتركون البشر نهارا يختلطون ويموجون في بعض ،ثم يغلقون عليهم بالليل اي منطق ذلك وماذا يريدون...
    بنوا مستشفيات ميدانية والقائمة لم تشغل تماما ولا بربع طاقتها
    لم يتطور علاج ولم يتوصل الى لقاح ولكن اعادوا فتح الاقتصادات وحتى المباريات لعبت
    لا نقول مؤامرة ولكن تم التعامل معه بمبدأ المؤامرة
    تعددت التطبيقات اللتي تسمح بالتجول ..نعم ممكن ان تخرج ولكن اصبح الفرد مقيد وجميع معلوماته وتحركاته مرصودة وان تم نفي ذلك
    الاسر تباعدت وانعدمت الاواصر لتصل لمرحلة التعود ..
    وهناك الكثير والكثير ليقال...ولكن موعد الصلاة حان وطبعا المسجد مغلق والسوق والمول مفتوح ...
    تقبلوا تحياتي ووجهة نظري وناقشوها

    ردحذف
    الردود
    1. أتفهم حرقتك على الواقع وأدعو الله من قلبي أن يجعل العاقبة حميدة لكل مسلم ومسلمة
      بارك الله لك في نيتك وعملك وزادك من فضله

      حذف
    2. لاشك أن الوباءوالامراض والأزمات، وكل شئ، يحدث في الكون بقدر الله، وكذا افعال الناس وارادتهم بقدر الله خلقا وعلما،نحن نؤمن بالله ربا ونوحده ونتوكل عليه ايمانا وبذلا للاسباب،ولايجوز ان نلقي التهم جزافا لمن يخالفك في التنظير ،وتسقط عليهم ضعف الإيمان وخلل العقيدة،وانت الطبيب الغير متخصص في الشرع، او في الفكر السياسي أو الشرعي، نعم، لك حق طرح ماتشاء دون ايغال في الاتهام، والإقصاء للطرف المخالف،نظرية العداء والمؤامرة على الإسلام واهله من مخاليفه قائمة، وهي من طبيعة البشر، والقرآن و صحيح السنة (الوحيان)،مليئة بالأدلة، وكذا الوقائع والأحداث المثبتة سندا،والمقبولة عقلا ونقلا عبر التاريخ بين الامم السابقة، وفي العهد الإسلامي ومناوئية، وفي العصر الحالي، تشير ان العداء متأصل، والعداء لا يأتي عبثا بل نتاج لحقد وتأمر وتكالب، والعدو لشئ يتأمر عليه ويحشد الحشود الحسية والمعنوية للانتصار والغلبة،وان كنا نؤمن بذلك، فكذا لانوغل في ان كل شئ مؤامرة، ونؤمن إيمانا جازما لاشبهة فيه بقدر الله الشرعي والكوني،المؤامرة من طبائع البشر، وهي قائمة منذ ازمان ومتاصلة في عصرنا هذا، شئت ام ابيت،ولولا الإطالة لسردت لك مسردا ضخما من الأدلة من كتب القوم ووثائقهم،ونتاجهم الإعلامي والفكري، وهو مطروح بحمد الله الآن وسهل ان نطلع عليه،وكورونا وغيرها من الأزمات لاتخلوا من عبث العابثين المتأمرين في استغلال الأزمة ابتداءا واثناءها وبعدها،هذه طبيعة البشر الملئية بالغل والحسد ونزعاتها ان خلت من إيمان وشريعة ربانية صحيحة تضبطها،ولن نضبط الأمور بضابط الشرع اولا وضابط العقل ونتوسط في الطرح وننهج نهجا موضوعي متزن، ولانلقي بالتهم جزافا، ونغلب نهج العاطفة، ونحيد عن اسس الطرح العلمي، ان كنا نؤمن بالمؤامرة فليس على إطلاقها، ولانخصص (كرونا)تحديدا،فكذلك نحترم القيم والقوانين والمبادئ للشعوب، ونقدر القيمة الإنسانية للناس التي كرمها الله، ونؤمن بضرورة البحث والاستقصاء للحلول طبية وغير طبية، وان فعل الأسباب لأزمة للنتائج، ولله الأمر من قبل ومن بعد،والله غالب على أمره ولو كره الكافرون.

      حذف
    3. صدقت، المؤامرة جزء من الوجود البشري، والذي ينكر المبدأ تماما لم يقرأ القرآن فضلا عن التاريخ،

      جميل جدا طرحك حول التوازن والمنهج العلمي والجمع بين التوكل والأسباب المشروعة.
      أرجو أن تستمر في نشره بين الناس فهو علم نافع يحتاجونه جدا لا حرمك الله أجره وبركته.

      وأحسنت في تنبيهك على مسألة الحكم على إيمان الناس والإسقاطات المجازفة فهي مزلة قدم، بغض النظر هل وقعت أنا في ذلك خطئا أم أنه فهم فهمته أنت خطئا، المهم أن نتعاون جميعا على المبادرات الإيجابية ونفع الناس

      جزيت خيرا على قراءة المقال والتعليق

      حذف
  19. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

    كلام عميق؛ خوض غماره لازم للعارف قبل الجاهل.

    جزى الله خيرا كاتبه وناشره

    ردحذف
  20. عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    وإياكم أخي الكريم

    ردحذف
  21. د أحمد
    النقولات والمقاطع التي نقلت عن مسؤولين وأصحاب قرار في العالم بل وأفلام وغيرها وما تم من إجراءات يوحي بأن وراء الاكمة ما وراءها فاحتمال المؤامرة وارد قاائم ولا يتنافى مع النصوص الشرعية بل إن الخبث والمكر من القوى العالمية تؤيد وجود المؤامرة يمكنك استبعادها أما نفيها بشكل قاطع واتهام من يرى احتمالها أو إثباتها بأدلة ظاهرة عنده واتهامه بضعف في إيمانه و معتقده أو خلل نفسي وهروب من الواقع أو إعجاب وغرور وكبر وغيرها من الاتهامات غير لائق من أمثالكم كما أنه لا يليق أن يوصف من ينكر المؤامرة بالسطحية والسذاجة

    ردحذف
    الردود
    1. حياك الله
      الأسباب النفسية لتبني فكرة المؤامرة أسباب طبيعية وليست مرضا، لكنها تؤدي لنتائج خاطئة.
      المتخصص في الأوبئة والميكروبات حينما يعتقد أن الوباء مؤامرة يحترم الآخرون رأيه ولا يلتزمون به إذا خالف الأغلبية، أما إذا كان الذي يعتقد المؤامرة غير متخصص ولا يبالي برأي المتخصصين فمن حقه علينا تنبيهه ونصحه.
      أخيرا.. المقالة ليست حكما على أشخاص وإنما مناقشة أفكار وتصحيح لمنهجية الحكم على الأوبئة.
      جزيت خيرا على تعليقك ومشاركتك

      حذف
  22. السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
    سعادة الدكتور احمد العمر
    ‏جزاك الله خيرا على هذا المقال المتميز العلمي الطبي والشرعي.

    توضيح جميل ‏وهام.
    الايام الماضية كثر تداول رسائل نظريات المؤامرة وقصاص واوهام، وزادت الإشاعات المكذوبة.

    استمر في توعية المجتمع
    نفعنا الله بك وبعلمك.
    كما نتمنا ان تخرج في احد وسائل الاعلام المرئية

    كتب الله اجرك

    ردحذف
    الردود
    1. عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      حياك وبياك أبا سلمان
      جزيت خيرا على دعواتك الطيبة ومشاعرك
      وأسأل الله تعالى الهداية والسداد

      حذف
  23. 👍👍
    مقال رصين متوازن
    زادك الله علما و عملا صالحا ورفعة في الدنيا والآخرة و تواضعا أخي أبا عبدالرحمن.

    ردحذف
  24. فال تعالى:(وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ)
    ويقول سبحانه: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
    المكر والخداع والخبث والمؤامره هي اساس صراع الباطل على الحق وما إبليس ودعوته إلا دليل ثابت بين في محكم كتاب الله لأغواء البشريه بمساعدة شياطين الانس والجن بأساليبه ومؤامراته والسيطرة على العقول وإيهام الأنفس وصدها عن الحق وتزيين الباطل لها إلا من رحم الله من المؤمنين فهو يجري مجرى الدم من البشر بقدراته اللتي اعطاها له ويحيك ويخطط اذاً من الظلم مصادرة العقول والتفرد بالحكم والجزم بنفي المؤامره من الدين وقذف كل رأي وعقل يخالف نظريتك ويمارس حقوقه بالتفكر في ما حوله وفي مخططات أعداءه من اهل الكفر والشرك ومحاولة ربط الأحداث والتثبت مما يجري حوله بأنه خروج من الايمان وغباء وسذاجه اخي الكريم
    لست مع الايغال في نظرية المؤامره ولكن ضد التساهل وتسطيح العقول ومحاولة تجريدها من حقوقها بإسم الدين والدين براء
    المؤمن كيس فطن

    ردحذف
    الردود
    1. أحسنت صنعا أخي الكريم بتصدير تعليقك بهذه الآية الكريمة، وليتنا نتأمل قولا مهما في تفسيرها
      ﴿وَقَدۡ مَكَرُوا۟ مَكۡرَهُمۡ وَعِندَ ٱللَّهِ مَكۡرُهُمۡ وَإِن كَانَ مَكۡرُهُمۡ لِتَزُولَ مِنۡهُ ٱلۡجِبَالُ}
      وقد دبَّر المشركون الشرَّ للرسول ﷺ بقتله، وعند الله مكرهم فهو محيط به، وقد عاد مكرهم عليهم، وما كان مكرهم لتزول منه الجبال ولا غيرها لضعفه ووَهَنه، ولم يضرُّوا الله شيئاً، وإنما ضرُّوا أنفسهم.(الميسر — مجمع الملك فهد)

      وقد دبر هؤلاء النازلون في مساكن الأمم الظالمة المكايد لقتل النبي محمد ﷺ، والقضاء على دعوته، والله يعلم تدبيرهم لا يخفى عليه منه شيء، وتدبير هؤلاء ضعيف، فهو لا يزيل الجبال ولا غيرها لضعفه، خلافًا لمكر الله بهم. (المختصر في التفسير)

      (وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ)  "إِنْ" بِمَعْنَى "مَا" أَيْ مَا كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ لِضَعْفِهِ وَوَهَنِهِ، "وَإِنْ" بِمَعْنَى "مَا" فِي الْقُرْآنِ فِي مَوَاضِعَ خَمْسَةٍ: أَحَدُهَا هَذَا. (القرطبي)

      فلنستمر جميعا في تدارس القرآن الكريم وإعطائه المزيد من أوقاتنا
      جزاك الله خيرا على نصحك وغفر لي ولك ولكل مسلم

      حذف
  25. الحمد لله أن جعل فينا من أمثالكم فضيلة الدكتور.. طبيب مسلم فخور بدينه.. إذا تكلم نضحت من سطوره آيات الكتاب والحكمة... جزاك الله خيرا وبارك في علمك وعملك.. ولا عجب.. فوالدكم العالم الفاضل والداعية المربي. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ووالدينا وموتى المسلمين

    ردحذف
    الردود
    1. جزاك الله خيرا أخي المبارك أبا زيد على هذه المشاعر الرقيقة والدعوات الطيبة
      اسلم لمحبيك

      حذف
  26. احسنت وكفيت ووفيت. بارك الله فيك

    ردحذف
    الردود
    1. وأحسن الله إليك شيخ محمد
      ورفع قدرك ويسر أمرك وشرح صدرك

      حذف
  27. دكتور بارك الله فيك لم تفند الاحداث التي وقعت اثناء انتشار الوباء دخلتنا في علم النفس وضعنا بكلام عام ،، ماذا بشأن اغتيال العلماء حول العالم المتميزين في عمل اللقاح، بل جيتس اكبر مستثمر للقاحات ويملك اللقاح لكنه رافض تلقيح اولاده !! .. اعتراف علماء بيلوجيا امريكان بأن امريكا هي من سربت الفايروس الى ووهان الصين، كيف ترد على هذا؟ رأيك يهمنا

    ردحذف
    الردود
    1. وفيك بارك أخي حسين
      صدقت.. الموضوع صعب وحساس، والكتابة فيه ليست سهلة، ولا يهتدي لمعرفة الصواب إلا من هداه الله

      أوصي نفسي وإخواني بالإكثار من الدعاء النبوي الشريف : " اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ ؛ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ "

      حذف
  28. بارك الله فيك وفي علمك لأول مرة أقرأ مقالاً مطولاً بشغف ونهم فعلاً نظرية المؤامرة تنتشر بتسارع أكثر ولعل مدونتك هذه أن تهديء من هذا التسارع بل وتكشف زيغه وتفسر خطأه وتحد من تأثره وتأثيراته .. بورك فيكم أخي الفاضل .. إستمر في سعيك الحميد

    ردحذف
    الردود
    1. وفيك بارك أخي المبارك، أثابك الله على مشاعرك وتنويهك
      استعملنا الله وإياكم في مرضاته

      حذف
  29. جزاك الله خيرا وبارك الله في علمك
    غريب جدا ان يصدق بعض المسلمين مثل هذه النظريات وقد تربينا علي اتباع الدليل والتحقق من كل قول لا تصديق كل ما تسمع

    ردحذف
    الردود
    1. وإياكم
      الأزمات مظنة انتشار الأقاويل، والمسدد من سدده الله

      حذف
  30. بارك الله فيك دكتور أحمد على هذه الإضاءات حول هذه النازلة.. لقد لململت لنا الأحداث من جميع أطرافها وفتحت لنا نوافذ التفكير من منظور شرعي لجميع الجوانب الحياتية من سياسية واقتصادية واجتماعية. وجزاك الله خير على هذا الطرح المتميز.

    ردحذف
    الردود
    1. وفيك بارك أبا محمد
      رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح

      حذف
  31. دكتور أحمد، قدمت تعليق على المقال ولم يظهر في قائمة التعليقات، علما بأن مقالكم يمثلني، جزاك الله خيرا، ورحم الله والدك الشيخ عبدالرحمن.

    ردحذف
    الردود
    1. حياك الله وبياك ورفع قدرك
      لعلك كتبته على الافتتاحية وليس هنا

      حذف
  32. ما شاء الله
    جزاك الله خيراً و بارك الله فيك و في علمك

    ردحذف
  33. أخشى أن يكون هذا المقال جزء من المؤامرة 😂😂😂😂

    ردحذف
    الردود
    1. أضحك الله سنك وأسعدك ووالديك وأحبابك في الدنيا والآخرة

      حذف
  34. عليكم السلام ورحمة الله

    اسمح لي ان المؤامرة لا تقدم نفسها على انها مؤامرة
    وما نراه مؤامرة بشعة ايضا
    فالتخطيط لفرض اللقاح على الناس لأغراض معينة اجرام
    ولك الحق في حذف هذا التعليق ان لم يعجبك
    لكن انتشار الفايروس بهذه الطريقة والهلع في التعامل معه يبرز الكثير من الشكوك
    هذا الحظر المبالغ فيه وتعطيل المصالح بينما في دول اخرى لايوجد ولم تتأثر كثيرا الا من جانب علاقتها الاقتصادية مع دول الحظر الكامل

    السؤال: الى متى سلسلة هذه الأوبئة التي تشبه انظمة ويندوز و أندرويد بالتحديث والتطور والتحور ؟!!

    ردحذف
    الردود
    1. عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      اطمئنوا.. لن أحذف تعليقكم فهو نبض حرقتكم على مصالح الناس ورغبتكم الصادقة في انكفاف الأذى عن الناس لا حرمكم الله أجر نيتكم الصالحة،
      فقط أنتم مطالبون بتقديم الدليل على ماتقولون (الدليل العلمي الذي يقبله أهل الاختصاص)
      شكرا على قراءة المقال والتعليق

      حذف
  35. استمتعت جدا بالمقالة .. رعاك الله دكتور ..

    ردحذف
  36. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
    الدكتور أحمد، سعدت بمقالك، وقد رأيت من قبل مؤلفات والدك عبدالرحمن بن حماد العمر رحمه الله والتي ترجمت للغات الأخرى في مكاتب دعوة الجاليات، وها أنا ابنه أحمد يكتب مقالاً رائعاً بشتى المقاييس ومن جميع الجوانب فمقالك حقيقة يمثلني، وقد قرات تعليقات البعض وفهموا بأن الدكتور أحمد ينفي التآمر على الإسلام واهله أو على البشرية وهذا فهم خاطئ من قبل بعض القراء ومعلوم بالقرآن التآمر على الإسلام واهله ولكن ليس بهذا الإسفاف الذي نسمعه ونقرأه وهذه الوسوسة، والدكتور أحمد جزاه الله خيراً يريد أن يوصل رسالة بأن من أخطر شيء جعل كل حادثة في الأرض بأنه مؤامرة، وكأن الخالق المدبر ليس هو مدبر ذلك وكأن الله عزوجل لن ينزل الرجز والعذاب على أهل الأرض بما كسبت ايديهم، واعتقد لو حصل تمكين في الأرض لعباد الله والتي وعد بها عباده الصالحون لشكوا أن هناك مؤامرة ونسوا موعود الله وقوته وأنه يدول الأيام بين الناس وهذا والله من الهزيمة النفسية وكما ذكر الدكتور أحمد أخشى أن يكون هناك خللاً عند البعض في توحيد الربوبية ، وانا اعتبر أن من يجعل كل حدث هو مؤامرة هو مصاب بمتلازمة تسمى متلازمة نظرية المؤامرة، خصوصاً أنهم نسوا أو تناسوا حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "يا مَعْشَرَ المهاجرينَ ! خِصالٌ خَمْسٌ إذا ابتُلِيتُمْ بهِنَّ ، وأعوذُ باللهِ أن تُدْرِكُوهُنَّ : لم تَظْهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قَطُّ ؛ حتى يُعْلِنُوا بها ؛ إلا فَشَا فيهِمُ الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أسلافِهِم الذين مَضَوْا ، ولم يَنْقُصُوا المِكْيالَ والميزانَ إِلَّا أُخِذُوا بالسِّنِينَ وشِدَّةِ المُؤْنَةِ ، وجَوْرِ السلطانِ عليهم ، ولم يَمْنَعُوا زكاةَ أموالِهم إلا مُنِعُوا القَطْرَ من السماءِ ، ولولا البهائمُ لم يُمْطَرُوا ، ولم يَنْقُضُوا عهدَ اللهِ وعهدَ رسولِه إلا سَلَّطَ اللهُ عليهم عَدُوَّهم من غيرِهم ، فأَخَذوا بعضَ ما كان في أَيْدِيهِم ، وما لم تَحْكُمْ أئمتُهم بكتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ويَتَخَيَّرُوا فيما أَنْزَلَ اللهُ إلا جعل اللهُ بأسَهم بينَهم".
    وليت الدكتور أحمد عرج على هذا الحديث.
    وكذلك قول الله تعالى: {ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.

    لذا انصح بقراءة مقال عن مرض متلازمة نظرية المؤامرة.
    وانصح المشغوفين بنظريات المؤامرة أو من يسمون بالمؤامراتيين أن يراجعوا كتاب الله جيداً، والسنن الكونية والربانية وايام الله، ويراجعوا أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.
    جزاك الله خيرا دكتور أحمد ونفع بعلمك على ماكتبت والحقيقة أن مقالك جميل وجاء في الصميم وليته أتى مع بداية الازمة بل أتى مع ازمات سابقة ألبست لباس نظرية المؤامرة، واتمنى نشره في اوسع نطاق وأن ينزل بصيغة PDF.
    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

    ردحذف
    الردود
    1. * تصحيح (السطر الثالث):
      وها أنا أرى ابنه أحمد يكتب

      حذف
    2. نسيت اخبرك باني كاتب الرد:
      اخوك: أبو أسامه

      حذف
    3. حياك الله وبياك أخي أبا أسامة
      جزاك الله خيرا على حسن ظنك ومشاعرك ودعواتك الطيبة وإضافتك الجميلة والنافعة
      أسأل الله الكريم رب العرش العظيم ان يرفع قدرك وييسر أمرك وأن يزيدك فضلا وعلما

      حذف
  37. اخي وفقك الله لطرحك واحسبك انك ناصح ولذا أنت قابل لكل ملاحظة ونقد بصدر رحب كما ذكرت ذلك عن نفسك أقول فيما يخص الثناء على الروم وتنزيله في واقع اليوم أحسبه من جهل في الواقع فيما قصده رسول الله من الروم السابقين الذين كانوا يؤمنون بالربوبية وروم اليوم مختلف تماما بل هم ملاحدة وعبدوا صنمهم الأكبر من أنظمة قد رسموها وخططوا لها ثم طبقوها على رأس قيادتها الأمم المتحدة وتحقيق أنظمة الرأسمالية التي هي أبعد ما ترتضيه كل الأديان! ونفي المؤامرة أو استبعادها على الأقل مع تعاملهم مع الاسلام لهو جهل فأين أنت عن مخطط انشاء الفوضى الخلاقة وايضا أين أنت عن تحقيق النزعة الأفلاطونية في مبدأ تنقية السكان من كبار السن وهل قرأت كتاب روبرت مالتوس " المبدأ بالسكان" من أشهر منظري الرأسمالي؟ وأين ذهبت مخططات مؤسسة راند في الشرق الأوسط التي عملها دراسة حالة مجتمعاتنا وتغيير هويته، فإن لم يكن الوباء هو عملية بيلوجية يجب أن لا ننكر عن خبث الغرب اليوم والكل على مبدأ الفردانية والعمل لمصلحته ولا ننسى كم كان اجرامهم في دول أفريقيا وكيف كانوا يأخذون رجالهم ونسائهم وجعلهم فئران مجربة في مختبراتهم! والأيام حبلى بالمفاجآت اقتصرت خشية الاطالة

    ردحذف
    الردود
    1. ووفقك الله أيضا أخي الكريم
      أحيي فيك اطلاعك الواسع وغيرتك على أمتك وهويتها ، وليكون نقدك الجميل أكثر جمالا واتزانا وأكثر قدرة على عبور الحدود الإقليمية لمخاطبة العقل العالمي في ضوء القرآن والسنة، أقترح عليك مايلي :
      قراءة نقد نظرية مالتوس في الفكر والاقتصاد الغربي كما قرأت كتابه. لتتأكد هل كتابه يصنع القرار حاليا بشأن المسنين أم لا

      مراجعة حكم القرآن بكفر النصارى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. قبل أن تورط نفسك بالحكم على الآخرين بالجهل

      مراجعة نسبة من يتعبدون في الكنيسة في أمريكا(باعتبارها أكبر كتلة مسيحية في دولة واحدة) ويعتبرون الدين جزءا مهما في حياتهم لتتأكد من صحة ظنونك بإلحادهم.

      مراجعة أنشطة المؤسسات الإغاثية التابعة لهيئة الأمم في أفريقيا كما قرأت عن الجرائم الإنسانية هناك.

      مراجعة مقالتي مرة أخرى؛ هل فيها نفي المؤامرة على الإسلام وأهله أم أنني أتحدث عن الأوبئة وجائحة كورونا الحالية؟

      مراجعة مقالتي (إن شئت) لتعرف السبيل الذي اخترته أنا لبناء الإيمان ومقاومة تغيير الهوية، ومن ذلك اشارتي في نهاية نقطة الحرب النفسية : "والسؤال.. أيهما أكثر اتزانا وأقدر على العمل الإيجابي القاهر للنوايا المعادية لأهل الحق والخير؛ الذي يعمل تحت تأثير الآيات الكريمة أم الذي يعمل تحت تأثير البروتوكولات المنشورة؟“

      تأمل ذلك وأنت تتعامل مع أي مشروع يخطط للإطاحة بالإسلام وأهله.

      تأمل هل كانت خطط المشركين واليهود والنصارى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم تنجح في القضاء عليه واستئصال دينه؟ ثم تأمل ما السر الأكبر في فشلها من خلال مراجعة آيات القرآن الكريم التي تحدثت عن كيدهم ومكرهم، ثم اختر لنفسك هل ستستمر في التركيز على قراءة الكتب والمنشورات التي تثبت مؤامرات القوم فتزيدك خوفا منهم وقلقا على مستقبل الإسلام والمسلمين أم ستقلل نسبتها (بدون إغفالها بالكلية) لتزيد من قراءة القرآن الكريم وتفسيره وفقه السيرة و الدعوة إلى الله في الزمن المعاصر فتزيدك ثقة بانتصار هذا الدين وأهله وتمنحك قوة أكبر لتعمل في البرامج الإيجابية لنفع المسلمين في دينهم ودنياهم.

      قراءة كتاب (الاستضعاف وأحكامه في الفقه الإسلامي، لزياد بن عابد، رسالة دكتوراه، رابط المكتبة الشاملة https://al-maktaba.org/book/33160‪)
      أو (فقه الاستضعاف في ضوء السيرة النبوية في العهد المكي لكامل رباع) أو كليهما.

      شكرا على التعليق.. مرة أخرى.

      أستودعكم الله أحبابي


      حذف
  38. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزاكم الله خيرا اخواني واخواتي على تفاعلكم سواء كان ثناء أو دعاء أو تحفظا أو نقدا بناء
    نحن بخير مادام فينا هذا التناصح والتواصي على الحق
    فليسامحني من ضايقه شيء غير مقصود في المقال أو التعليقات
    وليشركني بدعوة صادقة من وجد خيرا أو نفعا

    ألقاكم في موضوع لاحق بإذن الله

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه

    ردحذف

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

طريق الطمأنينة .. كيف يتجاوز المؤمن ألم الهموم والمصائب

تأملات في الحكمة من ابتلاء الأطفال بالأمراض

وأعفيت لحيتي